الراعي: نتحمّل بصبر الجرح الكبير في كرامتنا الوطنية نتيجة عدم انتخاب رئيس





ترأس قداس عيد مار شربل في عنايا واستنكر اضطهاد المسيحيين في العراق
الراعي: نتحمّل بصبر الجرح الكبير في كرامتنا الوطنية نتيجة عدم انتخاب رئيس

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس عيد مار شربل في عنايا، عاونه راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون ورئيس الدير الاب شربل البيروتي، وحضره الرئيس ميشال سليمان وعائلته، وزير العمل سجعان القزي ممثلا رئيس الحكومة تمام سلام، وزيرة المهجرين أليس شبطيني، النائبان سيمون ابي رميا وعباس هاشم، الوزيران السابقان مروان شربل وناظم الخوري، قائد الجيش العماد جان قهوجي وعقيلته، قائد الدرك العميد الياس سعادة، النائبة السابقة نهاد سعيد، محافظ البقاع القاضي انطوان سليمان، رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي غالب غانم، رئيس جمعية المصارف اللبنانية فرنسوا باسيل وحشد من رؤساء البلديات والمخاتير والفاعليات والمصلين.
كما شارك في القداس السفير البابوي غبريال كاتشيا والمطران ادغار ماضي والرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الاباتي طنوس نعمة وعدد من المدبرين العامين في الرهبانية ولفيف من الآباء والكهنة، وخدمت القداس جوقة الصوت العتيق بقيادة الاب ميلاد طربيه.
وبعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة قال فيها: يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، احتفاء بعيد القديس شربل، مع قدس الرئيس العام الأباتي طنوس نعمه، والآباء المدبرين، ورئيس الدير، والآباء الكهنة الجدد الذين تمت رسامتهم الكهنوتية، هنا قرب ضريح القديس شربل، منذ أسبوعين. فإنا نهنئهم ونهنئ الرهبانية اللبنانية المارونية العزيزة بهم وبعيد القديس شربل، راجين لها دوام النمو والازدهار بدعوات رهبانية مقدسة. كما نهنئ والدي الكهنة الجدد وأهلهم الذين خصهم المسيح الإله بهذا الامتياز، إذ اختار من بين أولادهم هؤلاء، الرهبان الكهنة، ودعاهم إلى نعمة التكرس الرهباني، لكي يشهدوا لكمال محبته، وإلى نعمة الكهنوت لكي يخدموا إنجيله الخلاصي.
وتابع: يسعدنا أن نحيي مهنئين، على رأس المصلين، فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان. لقد اعتدنا على الاحتفال بعيد قديس لبنان بالقرب من ضريحه، هنا في عنايا، بحضور رئيس الجمهورية اللبنانية، وعلى الصلاة معه من أجل وطننا العزيز لبنان. وكنا نأمل أن نحتفل وإياكم اليوم مع الرئيس الجديد. لكننا حرمناه بسبب عجز المجلس النيابي الحالي عن القيام بأشرف مهمة سلمها إليه الشعب اللبناني. وهذا جرح بليغ في كرامة هذا الشعب، وفي جسم الوطن. غير أن حضوركم، فخامة الرئيس، يعزينا، ويملأ معنويا هذا الفراغ. وكنا نتمنى استمراركم على رأس الدولة، حتى انتخاب الرئيس الجديد، حفاظا على الكرامة الوطنية. لكن محبي الفراغ رفضوا، أيضا، هذه الأمنية. ولست أدري كم هو كريم في أعينهم وطن مبتور الرأس! وكم هي محترمة عندهم سدة الرئاسة، وقد آثروا إقفال أبواب القصر الجمهوري، بعد ست سنوات شرعتم خلالها أبوابه للأسرتين العربية والدولية، واستعادت الدولة مكانها ومكانتها الكبيرة في الأسرتين! وكم رغبتم أنتم أن تسلموا فيه الوديعة للخلف في 25 أيار الماضي أسوة بالدول الراقية!.
وقال: إننا نتحمل، بصبر، هذا الجرح الكبير في كرامتنا الوطنية، ونصلي إلى الله، بشفاعة القديس شربل، الذي شرف أرضنا ورفع اسم وطننا في الأرض والسماء، لكي يمس، بروح المسؤولية، نواب الأمة، فيتحرروا من كل حساب رخيص، شخصي أو فئوي، ويتصالحوا مع الوطن والشعب، بل ومع أنفسهم، بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يعيد الاعتبار لسدة الرئاسة، ويكون، بكبر شخصيته وأخلاقيته وتجرده، القائد الحكيم لسفينة الوطن في خضم هذا البحر الهائج سياسيا واقتصاديا وأمنيا. إننا نفتقد إلى رئيس يستطيع البدء من حيث وصلتم اليه في بناء الدولة والمؤسسات. وهذا ما نرجوه اليوم قبل الغد. ولكن كيف نرجو ذلك وباب البرلمان مقفل خلافا تماما لما ينص عليه الدستور.
وتابع: أراد الرب يسوع أن يشرح سر ملكوت السماوات بمثل القمح والزؤان، فقال: يشبه ملكوت السماوات رجلا زرع زرعا في حقله. وبينما الناس نيام جاء عدوه وزرع بين القمح زؤانا ومضى متى 13: 24-25.
ملكوت السماوات هو دخول الله في حياة العالم، بالمسيح ابن الله المتجسد، الذي جاء يزرع قمح المؤمنين بالله وبالحقيقة، لكي يؤلفوا به ومعه ملكوت الله، أي الشركة بين الله والناس. ملكوت الشركة هذا متمثلٌ في الكنيسة، المشبهة بحقل الله 1 كور3: 9، حيث يزرع المسيح، بواسطة خدْمتها الكهنوتية، أبناء للملكوت، هم المؤمنون والمؤمنات المولودون من معمودية الماء والروح.
كل مسيحي، إكليريكيا كان أم علمانيا، هو زرع جيد، مدعو، حيثما وجد، ليلتزم بناء ملكوت الله ونموه بين الناس، وليطبع، بالقيم الإنجيلية، المجتمع والشؤون الزمنية، وسائر قطاعات الحياة العامة.
أضاف: لكن الشر، عدو الكنيسة، المتمثل بروح الشر، الشيطان، وبالأشرار، فاعلٌ في التاريخ. يزرع زؤانا، أي أشخاصا وأنظمة وإيديولوجيات وتيارات هدامة، يعرقلون طريقها، يعاكسونها، يضطهدونها، ويضللون أبناءها وبناتها، ويسلبونهم. هذا الواقع رآه يوحنا الرسول في مشهد المرأة الكنيسة التي تتمخض لتلد، والتنين الشيطان الجاثم أمامها ليبتلع طفلها حين تلده. وإذ لم يستطع، غضب على المرأة وذهب يقاتل باقي نسلها الذين يعملون بوصايا الله، وعندهم شهادة يسوع. ووقف على رمل البحر ناصبا لهم العداء راجع رؤيا 12: 1-6، 17.
وتابع: هذه الصورة نشهدها هنا وهناك وهنالك، في مختلف بقاع الأرض، ونشهدها، حاليا، في العراق العزيز المتألم بمسيحييه ومسلميه. لقد آلمنا بالعمق نداء غبطة أخينا البطريرك لويس روفائيل ساكو، بطريرك بابل على الكلدان، الذي يوجهه باسم مسيحيي الموصل الذين تضظهدهم، علنا، الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروفة بداعش. وقد نقلت معظم وسائل الإعلام هذا النداء. إننا نعلن تضماننا الكامل، على كل صعيد، مع غبطة البطريرك، ومسيحيي الموصل، ومع كنيسة المسيح في العراق الشقيق. نشدد شعب العراق عامة، والمسيحيين خاصة، بكلمة الرجاء والصمود في أرضهم التي كتبوا عليها تاريخهم المجيد. ونطالب الأسرة الدولية بحماية هذا الشعب. وكم يؤسفنا حقا أن تأتي سياسات هدامة من الخارج تزرع زؤان الشر في حقل اختاره الله وأجرى على أرضه مسيرة تاريخ الخلاص. ألا اتقوا الله، وعودوا إلى نفوسكم، وحرروها من شر مصالحكم السياسية والاقتصادية الهدامة. ونتساءل: أليس من سبيل إلى الحوار مع داعش بشأن المسيحيين الآمنين المخلصين لوطنهم؟ ماذا يقول المسلمون المعتدلون بهذا الشأن؟ وما من صوت يندد ويستنكر!
وقال: يعلمنا الرب يسوع، في هذا المثل، كيفية التصرف في تعايش الأبرار، أبناء الملكوت، والأشرار، أبناء الشرير. فينبه إلى عدم استئصال الأشرار بالقوة، حماية للأبرار. فقال: لا تنزعوا عشبة الزؤان لئلا تقتلعوا معها أعشاب القمح. إنها حكمة التصرف وفطنة التعاطي وفضيلة الصبر والاحتمال. وقد علم الرب في موضوع آخر تجنب تفاقم الخلاف مع الخصم في مسيرة الطريق راجع متى 5: 25-26. كم من الأبرياء يسقطون كل يوم بسبب اقتلاع العدو والسيطرة عليه بالقوة والعنف والحرب؟.
أضاف: الشر في حياة البشر أمر طارىء. فالإنسان مخلوق أصلا على صورة الله. ولكن طرأت أحداث وظروف شوهت صورة الله فيه، فمال إلى حالة الشر، وأصبح ابن الشرير. الكنيسة، من جهتها، لا تعتبر أحدا شرا في المطلق. فتعمل، روحيا وراعويا وإنسانيا، على إصلاحه، متكلة على فعل النعمة الإلهية، وعمل الروح القدس. وهي تأمل تغيير حياته حتى آخر لحظة من العمر. ولهذا تتميز الكنيسة، برعاتها وأبنائها، بالرجاء والغفران والصبر وطول البال. فما أحوج هذا الشرق إلى الكنيسة لكي تواصل فيه الزرع الجيد، زرع أبناء الإنجيل، من أجل أن نحلم بربيع عربي أصيل.
حرب والمر
وكان البطريرك الماروني التقى أمس الأول وزير الاتصالات النائب بطرس حرب الذي قال بعد اللقاء: الزيارة للترحيب بصاحب الغبطة في الشمال، وكانت مناسبة للتداول في التطورات والعراقيل التي لا تزال تواجه الاستحقاق الرئاسي، وعرض المستجدات ولا سيما ما صدر عن رئيس تيار المستقبل الذي فتح مجالا آخر حيث اعلن انتهاء بقائنا منتظرين ان تأتي الحلول من المعنيين بالشأن الرئاسي الى مرحلة جديدة، وهي إطلاق مشاورات جديدة للتفتيش عن حلّ بديل، وهذا ما يشكّل خطوة الى الامام، انطلاقا من ثوابت الصيغة اللبنانية والحياة المشتركة بين اللبنانيين مسيحيين ومسلمين، ومن مبدأ المناصفة ومن الحفاظ على النظام السياسي في لبنان. وسنتعاون جميعا للتوصل الى حلول والى مرشح رئاسي يؤمن بالمبادئ التي تقوم عليها الدولة الديموقراطية والسيادة، ونكون قد خرجنا من مرحلة المراوحة ومن الحلقة المفرغة التي ندور فيها والتي تجعل البلاد في حالة خطر مستمر، ولا سيما في ظل الظروف الاقليمية الخطيرة التي تمرّ فيها.
الانتربول
بعد ذلك، التقى الراعي امين عام منظمة الانتربول رونالد نوبل ورئيس مؤسسة الانتربول الياس المر اللذين وصلا الى الديمان على متن طوافة عسكرية.
وتأتي هذه الزيارة للتعارف بين نوبل والراعي، ولاطلاع البطريرك على عمل المنظمة. وقدم نوبل للراعي صورة للبابا فرنسيس وهو يسلّم ميدالية لرئيس المنظمة، كما قدم البطريرك ميدالية البطريركية لنوبل.
وقد عقدت خلوة على شرفة جناح الراعي الخاص استمرت نحو ساعة ونصف، وتم عرض الوضع الذي تمرّ فيه المنطقة، لا سيما موضوع المنظمات المتطرفة كما تطرق البحث الى وضع المسيحيين في الشرق.