لبنان والسعودية.. بوابة عودة السياحة العربية





وزيرة السياحة اللبنانية: مفاوضات مع السعودية وخطة لإنشاء مطار ثانٍ
10/11/2025
سيدني – الميدل ايست تايمز الدولية: شاركت لبنان ضمن أعمال الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية (UNGTA) المنعقدة في الرياض، جاءت مشاركة لبنان لتؤكد حضوراً عربياً لافتاً رغم الظروف الحساسة التي تمرّ بها البلاد، فبعد أشهر من الحرب التي اندلعت بين إسرائيل ولبنان في أواخر عام 2024، وانتهت بوقفٍ لإطلاق النار في نوفمبر من العام نفسه، لا تزال البلاد تواجه توترات أمنية متقطعة على حدودها الجنوبية تهدد بتقويض التعافي الاقتصادي والسياحي، ومع ذلك يبدو أن بيروت مصمّمة على إعادة وصل علاقاتها السياحية الإقليمية، وفي مقدمتها مع المملكة العربية السعودية.
وفي مقابلة حصرية مع CNN الاقتصادية، كشفت وزيرة السياحة اللبنانية لورا لحود عن مساعٍ جارية لاستعادة الزوار السعوديين والخليجيين إلى لبنان، بالتوازي مع بحث إنشاء مطار ثانٍ لتخفيف الضغط عن مطار بيروت الدولي.
 كما أكدت الوزيرة لحود أن التواصل مع الجهات السعودية مستمر، مشيرة إلى أن مفاوضات «إيجابية ودائمة» تُجرى لتهيئة الأرضية لعودة السياح السعوديين إلى لبنان بعد انقطاع لسنوات نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية، وقالت: «نتوقع أن تكون هناك أخبار سارة قريباً، وهناك مفاوضات مستمرة وإيجابية للغاية، والحكومة تعمل كفريق واحد وتنفّذ الإصلاحات اللازمة».
وتُبرز هذه التصريحات رغبة رسمية واضحة في إعادة وصل العلاقات السياحية بين بيروت والرياض، في وقتٍ يسعى فيه لبنان إلى تنويع أسواقه السياحية والاعتماد مجدداً على الزائر الخليجي الذي كان ولا يزال أحد أهم روافد اقتصاده الموسمي.
مشروع مطار جديد لتخفيف الضغط
وفي سياق حديثها عن البنية التحتية، أعلنت لحود أن الحكومة اللبنانية تبحث إنشاء مطار ثانٍ في ظل الازدحام الكبير الذي يعاني منه مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، لا سيّما خلال مواسم الصيف والأعياد، وأوضحت أن أعمال التحسين جارية في محيط المطار والطريق المؤدي إليه، مضيفة: «تُنفّذ حاليًا أعمال تطوير في طريق المطار والمناطق المحيطة به، وقد أُزيلت كل الصور السياسية القديمة ولم يبقَ سوى الصور السياحية والتجارية والاقتصادية».
وأشارت إلى أن النية الرسمية قائمة لإطلاق التحضيرات المطار ثانٍ خلال سنة إلى سنتين ضمن خطة أوسع لتطوير النقل والسفر وتسهيل وصول السياح، وترى أن هذه الخطوة ستسهم في إنعاش السياحة الداخلية وتخفيف الضغط اللوجستي عن العاصمة، كما ستفتح المجال أمام استثمارات جديدة في الضيافة والنقل الجوي، وفقا لموقع سي إن إن الاقتصادية.
كما أشارت الوزيرة لحود أيضاً إلى حادثة مغارة جعيتا التي أثارت جدلاً واسعاً في لبنان خلال الأسابيع الماضية، بعد تداول مشاهد تُظهر إقامة حفل موسيقي داخل المغارة دون الحصول على التراخيص الرسمية، وتُعدّ المغارة أحد أبرز المواقع السياحية الطبيعية في البلاد والمدرجة على القائمة التمهيدية للتراث العالمي.
وأوضحت لحود أن الوزارة تعاملت مع الحادثة «بشفافية تامة»، وأن تحقيقاً رسمياً يُجرى بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والبيئة، مشددة على أن ما حصل كان «خطأ من البلدية التي تدير الموقع مؤقتاً»، وأضافت: «ما حدث كان خطأ لا يجب أن يتكرر، وقد تم اتخاذ الإجراءات اللازمة، ولن يُسمح بإقامة أي فعاليات داخل المغارة في الوقت الحالي، ولحسن الحظ أكد الخبراء عدم وجود أي ضرر بالموقع، وسنعلن نتائج التحقيق للرأي العام خلال أيام في مؤتمر صحفي».
وأعاد هذا الحدث فتح النقاش حول حوكمة وإدارة المواقع التراثية والسياحية في لبنان، حيث دعا كثيرون إلى وضع آلية واضحة تمنع استغلال هذه المعالم لأغراض تجارية على حساب قيمتها البيئية والثقافية.
لبنان والسعودية.. بوابة عودة السياحة العربية
يحمل وجود لبنان في هذا المؤتمر الدولي بالرياض رمزية خاصة، إذ يأتي في مرحلة يسعى فيها إلى إعادة إدراج نفسه على الخريطة السياحية الإقليمية، في وقت تتسارع فيه خطى دول الخليج نحو تنويع اقتصاداتها عبر الاستثمار في السياحة، وأعربت الوزيرة لحود عن إعجابها بما تشهده السعودية من نهضة عمرانية وسياحية واسعة، معتبرة أن «التكامل العربي في القطاع السياحي يمكن أن يشكّل رافعة مشتركة لجميع اقتصادات المنطقة».
وفي ظلّ التحديات الأمنية والاقتصادية التي يواجهها لبنان، ترى لحود أن الدبلوماسية السياحية تمثل وسيلة فعّالة لإعادة بناء الجسور وتعزيز الثقة مع الشركاء العرب، ولا سيما مع المملكة.
واختتمت الوزيرة حديثها برسالة مباشرة إلى الزوار السعوديين والعرب، قالت فيها: «لبنان هو بيتكم الثاني، نرحب بكم دائماً، ونأمل أن نراكم قريباً كما اعتدنا في السابق».
بين التحديات والطموح
رغم التوترات المستمرة جنوباً والضغوط الاقتصادية محلياً، يبدو أن لبنان مصمّم على تحويل أزماته إلى فرص، مستنداً إلى إرثه السياحي الغني وموقعه الثقافي الفريد في المنطقة، فبين مفاوضات إعادة الزوار الخليجيين وخطط تطوير البنية التحتية، تُراهن بيروت على أن المطار الثاني قد يكون الخطوة الأولى نحو استعادة ثقة السائح، لكن الرهان الأكبر يبقى على نجاح جهودها في تحقيق استقرار سياسي وأمني يُعيد لبنان إلى موقعه الطبيعي كوجهةٍ للسياحة.