الحرب التجارية والحرب العالمية !





الحرب التجارية والحرب العالمية الثالثة!

لم يعد خافياً على أي إنسان يعيش في عالمنا المعاصر، أن أزمةً اقتصادية على مستوى العالم باتت تلوح في الأفق منذ فترة ليست بالقصيرة، ومن يتابع التقارير الاقتصادية العاليمة الجادة يدرك على الفور أننا نعيش أزمة اقتصادية لا تميز بين دولة وأخرى لاسيما في ظل الحرب التجارية المستعرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.

ومنذ أن كشرت هذه الحرب عن أنيابها أصبحت الأسواق العالمية ترقب عن كثب انهيارًا اقتصاديًا وشيكًا، خاصة بعد تراجع الطلب على السندات الأمريكية، وهبوط الإنتاج الصناعي في كلٍ من الصين والولايات المتحدة، لذا خرجت علينا مؤخرًا إدارة المخاطر في بنك "جي بي مورغان" الأمريكي لتخبرنا عن توقعها حول نشوب أزمة مالية عالمية جديدة عام 2020، وهي توقعات تأتي بناءً على تحليلات مدروسة لحركة وأداء السوق خلال 10 أعوام منذ اندلاع الأزمة السابقة سنة 2008.

وكان التقرير الذي نشرته صحيفة (التايمز) هو الأخطر حيث كشف بوضوح أن الفترة الحالية يسودها القلق في العالم بأسره خشية حدوث ركود اقتصادي يبدو أنه يقترب بالفعل، وعلى وجه التحديد في بريطانيا أكثر من غيرها، كونها اقتربت من مغادرة الاتحاد الأوروبي وما يحمله ذلك من تحديات للاقتصاد ليس البريطاني فحسب بل والعالمي أيضًا.

والأدهى أن التقرير نفسه يكشف عن انخفاض غير مسبوق هذا العام في ناتج التصنيع بالصين، حيث وصل إلى أقل معدلاته منذ 17 عاما، كما تقلص الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2% في الربع الثاني من العام الجاري، وهو الحال ذاته في بريطانيا .

ولأننا العرب جميعًا جزء من هذا العالم، فإن شبح الأزمة الاقتصادية الذي بات واضحًا للجميع، لن يمر علينا مرور الكرام، لاسيما أن البلدان العربية نفسها تمر بأزمات اقتصادية كبيرة، فلبنان على سبيل المثال يمر بأزمات اقتصادية كبيرة منذ سنوات بعد أن زاد العبء عليه، بداية من اللاجئين السوريين ومرورا بمحاولات إغراقه في الفتنة، وليس انتهاءً بالأزمة في مجال العقارات الذي يعد أحد أهم الأعمدة التي يعتمد عليها الاقتصاد اللبناني ناهيك عن انخفاض معدلات السياحة، وكلها تحديات تقف أحجار عثرة أمام لبنان، ولكن ما يستدعي القلق أكثر وأكثر هو ذلك التساؤل عما سوف يحدث للبنان والمنطقة العربية في حال عناد الصين مع الولايات المتحدة الأمريكية وإصرارها على أن تتولى هى عرش الاقتصاد العالمي، وهذا ما سوف ترفضه الولايات المتحدة بشدة فهي حريصة على هذا العرش وعلى التحكم في الاقتصاد العالمي ولا نبالغ إذا قلنا أن الأمر بالنسبة لها هو قضية حياة أو موت، وقد يصل إلى حرب عالمية ثالثة وما ذلك عليها ببعيد، خاصة عندما تعلم أنها قد تعاني من اختناق اقتصادي وليس غريباً أن يصل القلق بإدارة ترامب إلى دراسة تخفيض ضريبة الرواتب في حالة تعرضها للأزمة الاقتصادية المتوقعة خلال شهور وهو ما يعني أنه لن يزيد من دخول المعلمين كما وعد، وإنما فقط سوف يخفض الضرائب على هذه الدخول كنوع من المسكنات الوقتية.

والحق أن لبنان والمنطقة العربية بأسرها في وضع لا تحسد عليه، ولذلك نتمنى أن تدرك الإدارة الأمريكية ودولة الصين خطورة الدخول في حرب عالمية ثالثة، فهذه الحرب سوف تكون نهاية العالم دون أدنى مبالغة، لأنها سوف تكون مدمرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

رئيس التحرير