لبنان لن يقبل فرض حلول معلّبة عليه تُخالف الاجماع اللبناني،





كيف تعامل لبنان مع "النصائح" الاميركية؟

 14أيلول 2019 -

غاصب المختار

حمل مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى الجديد دايفيد شينكر الى لبنان ما يمكن وصفه السياسة او التوجهات الاميركية للتعامل مع لبنان بكل اوضاعه السياسية والامنية والاقتصادية، ووجّه ما يُشبه "النصائح" وإن بلهجة جازمة، الى المسؤولين اللبنانيين حول هذه المواضيع، معطوفاً عليها ان الادارة الاميركية ستفرض على "حزب الله" والذين يساندونه عقوبات اضافية.

ولعل ابرز "النصائح" التي وجهها شينكر تلك المتعلقة "بعدم الانجرار الى مواجهة عسكرية مع اسرائيل في الجنوب، والاسراع في إنجاز الاصلاحات الاقتصادية في موازنة 2020، وانتظار الحل السياسي في سوريا قبل التفكير بإعادة النازحين السوريين". ولكن البارز ان شينكر لم يُبرز في كلامه اية افكار او مقترحات جديدة تتعلق بالمهمة الاساسية التي اتى الى لبنان من اجلها، وهي تحديد الحدود البرية والبحرية. لكن تسرّب انه حثّ لبنان على الاسراع في استخراج النفط والغاز من البحر، وهو مطلب اسرائيلي بالدرجة الاولى وإن كان فيه مصلحة مستقبلية للبنان.

وفي حين اعتبر البعض ان هذه "النصائح" هي املاءات اميركية علىى لبنان وتحمل نوعا من التهديد بخصوص التعامل الرسمي اللبناني مع "حزب الله"، إلاّ ان مصادر رسمية ذكرت: ان لبنان يعرف كيف يُقدّر مصلحته واوضاعه الداخلية وهو سبق وحدد مواقفه من كل الامور وتم ابلاغها الى المسؤولين الاميركيين والغربيين الذين زاروا بيروت، وبخصوص التفاوض على الحدود فإن موقف لبنان معروف وتم إبلاغه الى ساترفيلد ولا تراجع عنه.

لكن المصادر لاحظت ان شينكر قال معظم هذه "النصائح" في لقائه مع بعض المؤسسات الاعلامية "المنتقاة بعناية" وهو ما لم يقله امام المسؤولين الذين التقاهم، بخاصة لجهة دعوته الى تغيير مهمة قوات اليونيفيل في الجنوب بما يسمح لها بدخول ومداهمة الممتلكات الخاصة والمنازل، وهو ما رفضه لبنان قبلاً وخاض مفاوضات دبلوماسية صعبة لتثبيت موقفه قبل التجديد لليونيفيل الشهر الماضي في مجلس الامن ونجح في ذلك.

اضافت المصادر: يبدو ان شينكر يقول مواقفه تبعا للمسؤول او الموقع السياسي والاعلامي الذي يكون عنده، فلا هو ذكر امام المسؤولين تغيير مهمة اليونيفيل ولا طرح موضوع توسيع العقوبات الاميركية، بل بالعكس فقد كان كلامه امام المسؤولين عقلانياً وهادئاً ويؤسس لمرحلة جديدة من التعامل.

لكن المصادر اوضحت ان وزير الخارجية جبران باسيل ابلغ الموفد الاميركي استعداد لبنان للتعاون مع الامم المتحدة واميركا في موضوع تحديد الحدود، وفق ما اتفق عليه مع سلفه ساترفيلد، وان لبنان يرحب بمشاركة الشركات الاميركية من القطاعين العام والخاص في مناقصات استخراج النفط والغاز والكهرباء وسواها من مشاريع استثمارية، وهو متمسك بالاستقرار عند جانبي الحدود وبالقرار 170، ويرغب ايضا بمواصلة الدعم الاميركي للبنان وللمؤسسات الاهلية ويريد زيادتها، لكن الاهم انه ابلغه ان ممارسة الضغوط الاقتصادية على لبنان مضرّة للاستقرار اللبناني، واهتزاز الاستقرار المالي والاقتصادي قد ينعكس اهتزازا سياسياً وامنياً.

واشارت المصادر الى ان لبنان لن يقبل فرض حلول معلّبة عليه تُخالف الاجماع اللبناني، ولن يقبل فرض شروط اسرائيل عليه، وكلام المنابر الاعلامية خارج اللقاءات الدبلوماسية والرسمية، هو نوع من اعتماد بريد سياسي وعبر مواقع ومنابر اعلامية محددة، ربما بهدف ايصال رسالة الى الجمهور السياسي لهذه المنابر، وهو بالتالي لا يقدم ولا يؤخّر في سياسة لبنان، المبنية على ما يسمعه المسؤولون رسميا من الموفديين وليس ما يقولونه عبر الاعلام.