الراعي: دعا الشبيبة المارونية في لبنان وبلاد الانتشار الى التشدد والتشجع والشهادة للحق





الراعي في قداس الشبيبة: لو أن كل المسؤولين يمارسون سلطتهم وواجباتهم بنور الحقيقة لنعم الشعب كله بالعدالة والسلام

23 تموز 2017

لبنان - رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "لو أن كل المسؤولين عن الشؤون الزمنية العامة في أوطاننا يمارسون سلطتهم وواجباتهم بنور الحقيقة لنعم الشعب كله بالخير العام والعدالة والسلام واحترام كرامة الإنسان وحقوقه. ولو أن جميع المسؤولين عن الشأن العام اختبروا جمال الحقيقة التي تحرر، لتحرروا هم من مصالحهم المادية غير المشروعة وحساباتهم الآنية ومن تجارة المحاصصة، وحرروا غيرهم ، ولقدروا قيمة الأحرار الذين يستمدون قوتهم من كفاءاتهم وأخلاقيتهم واستقامتهم واحترامهم للقانون، لا من الاستزلام والاستقواء والولاء للأشخاص، ولبحثوا عنهم وعهدوا إليهم بالمسؤولية التي هم جديرون بها".

ودعا الشبيبة المارونية في لبنان وبلاد الانتشار الى "عدم الخوف لأنهم في قلب الله، كما دعاهم الى التشدد والتحلي بالشجاعة والشهادة للحق لبناء مجتمع أفضل حيث ما وجدوا والانطلاق كالنسور الى أوطانهم متجددين بالقيم الانجيلية والاخلاقية".

كلام الراعي جاء خلال ترؤسه قداسا احتفاليا في باحة الصرح البطريركي في الديمان ، شارك فيه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ووفود الشبيبة المارونية المنتشرين في اميركا والأرجنتين واوستراليا وكولومبيا وفرنسا وقبرص ومصر وافريقيا واوكرانيا وسوريا والأراضي المقدسة والأردن وفلسطين والذين فاق عددهم الالف وخمسماية شاب وشابة ، وعاونه مطارنة الانتشار ولفيف من المطارنة والكهنة والرهبان ، وخدمت القداس جوقة المدرسة الانطونية بقيادة الأب فادي طوق.

استهل القداس بكلمة للأب توفيق بو هدير شكر فيها للراعي "رعايته أيام الشبيبة المارونية واهتمامه بالمغتربين اللبنانيين في كل بلدان الانتشار"، آملا أن تتمكن شبيبة لبنان في بلدان الإنتشار من "مد جسور قوية بين بلدهم الأم والبلد المضيف وإقامة علاقات مبنية على احترام الآخر والعودة الى الجذور".

العظة

بعد الانجيل المقدس ، ألقى الراعي عظة بعنوان "هوذا عبدي الذي اخترته"، قال فيها:

" يتنبأ أشعيا عن يسوع المسيح، ابن الله، الاله الذي صار انسان متجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء. وبهذه الصفة هو "عبد الله" أي بحسب المعنى البيبلي، هو صنع الله وتحفته كإنسان. وقد حقق بتجسده التصميم الإلهي لفداء كل إنسان ولخلاص الجنس البشري. كل كائن بشري هو "صنع الله"، وقد خلقه تحفة "على صورته ومثاله". ولما شوه هذه الصورة الإلهية فيه بخطيئته وشروره، صار ابن الله إنسانا ليعيد إلى كل إنسان بهاء الجمال الإلهي فيه، فتتحقق في كل واحد وواحدة منا نبوءة أشعيا: "هوذا عبدي الذي اخترته، حبيبي الذي به سرِرت" (متى 12: 18).ويسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية في كنيسة الكرسي البطريركي في الديمان، وأن يكون الاحتفال مع الشبيبة المارونية التي توافدت من جميع أبرشياتنا في لبنان والنطاق البطريركي وبلدان الانتشار، لإحياء أيامها العالمية، بموضوع "تشدد، تشجع! أنت في قلب الله". وقد نسقها مكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية. وها هم يختتمون بهذا القداس الإلهي لقاءهم العالمي، ليكون بمثابة إرسال من الجذور المارونية في لبنان، الوطن الروحي للموارنة، من قنوبين وادي القديسين، وبروحانية قنوبين. فينطلقون ليكونوا سفراء المسيح، ورسل الشهادة لمحبته".

أضاف:" لقد كتب الموارنة تاريخهم على أرض لبنان، حيث الكرسي البطريركي والقديسون والتقاليد والروحانية والثقافة والحضارة المارونية. وحيث تجربتهم السياسية في بناء دولة لبنان المميزة عن سواها من البلدان المحيطة. فهي دولة تفصل بين الدِين والسياسة، وتتبنى قاعدة العيش معا مسيحيِين ومسلمين بالمساواة في الحقوق والواجبات، وبالمشاركة المتوازية والمتوازنة في الحكم والإدارة؛ كما تعتمد النظام الديموقراطي وكل الحريات المدنية العامة، ومبدأ التعددية الثقافية والدينية في الوحدة".

وتابع :"إن الأيام العالمية للشبيبة المارونية وفرت لشبابنا، المنتشرين في بلدان الشرق الأوسط والقارات الخمس، عودة إلى الجذور الروحية والثقافية. واليوم يرجعون إلى أوطانهم حاملين الكثير من الفرح والمعرفة ومشاعر الحنين، بالإضافة إلى العديد من علاقات الصداقة فيما بينهم. لقد تعرفوا إلى لبنان وجمال لبنان وشعب لبنان، وسيكونون في أوطانهم سفراء واقعيين له وفاعلين.إننا نذكرهم دائما بصلاتنا. ونذكر في الصلاة مكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية وعلى رأسه منسقه الخوري توفيق بو هدير ومعاونيه. ونذكر كل الذين عاونوا ونظموا وسهلوا ومولوا وساهموا بتقدماتهم ووقتهم وجهودهم. ونصلي من أجل العائلات التي استضافت الشبيبة، والأديار والمدارس والمؤسسات، شاكرين مطارنة الأبرشيات والرؤساء العامين والرئيسات العامات والمسؤولين عن مختلف المؤسسات الكنسية والمدنية والأهلية، وكل الكهنة والرهبان والراهبات الذين عاونوا".

وأردف: "تشدد، تشجع! أنت في قلب الله". حول هذا الشعار التأمت "الأيام العالمية للشبيبة المارونية". إنها دعوة إلى التحرر من الضعف، والتشدد بالقوة الروحية والمعنوية. وهي دعوة إلى التحرر من الخوف وأسباب اليأس والقنوط، والثبات في الإيمان والرجاء. إن المصاعب والمحن والإغراءات تمد أغلالها وسلاسلها لتأسر شبابنا، وتحولهم عن طموحاتهم، لكن الإيمان بالمسيح المحرِر وبقوة نعمته والكلمة الإنجيلية، تمكنهم من التحرر والعيش في سعادة الحرية الحقة، ويكونون بدورهم محررين ودعاة حرية هي "حرية أبناء الله" التي يحتاج إليها عالم اليوم. فكم ردد الرب يسوع هاتين الكلمتين "تشدد. تشجع!" في لقاءاته مع كل إنسان ضعيف وخائف ومريض، ومع كل جماعة تعيش الاضطراب والقلق! وكم ردد: "لا تخف! لا تخافوا! أنا هو!. وكان الهدوء والشفاء والفرح والسلام. "فيسوع هو هو، أمس واليوم وإلى الأبد" (عبرا 13: 8)، يردد لكل واحد وواحدة منكم هذه الكلمات في مختلف ظروف حياتكم، و حيثما أنتم.ان أساس هذه الكلمات هو الكلمة الإلهية التي تبين العلاقة الوجودية بين الله والإنسان: "هوذا عبدي"، [هوذا صنع يدي، هوذا تحفة خلقي]، "الذي اخترته، حبيبي الذي به سررت" (متى 12: 18). إني أعضده وأسانده وأقف بجانبه وأقويه. بدون يد الله لا يستطيع أحد منا إكمال مسيرته الإيمانية. إنه "حبيبي" الذي بحثت عنه ونظرت إليه مليا، وحدقت إليه، فاخترته".

وأشار الى انه :"بالدعوة المسيحية العامة، والدعوة الكهنوتية، والدعوة الرهبانية، اختارنا الله ودقق فينا. وأعطى كل واحد منا رسالة ودورا يتناسب مع قدراته ومواهبه. الله يعلم من يختار ولأي مهمة يرسله. علينا، متى سمعنا صوته، أن لا نتردد ولا نخاف. فهو لا يرسلنا إلى المجهول. بل أعد كل شيء، بكثير من العناية والتأني. لم يدقق الله فقط في البشر ليختارني، بل أيضا، دقق في، في داخلي، عرف أفكاري وضعفي ومكنونات قلبي. ورضي بي، رغم كل شيء. رضي بي لدرجة أنني "حبيبه". وتتبلور هذه العلاقة الوجودية بين الله وكل شخص منا في كونه "يجعل روحه عليه ليبشر الأمم بالحق، ويصل به إلى النصر، فيكون لغيره علامة رجاء" (متى 12: 18، 20، 21.")

وتابع: "رسالتنا في مجتمعاتنا وأوطاننا هي إعلان الحقيقة على هدي الروح القدس معلمها، والدفاع عنها حتى النصر، لكي نكون علامة رجاء لكل من يرجوا الحقيقة التي تنفي الكذب والتجني والتضليل والظلم والاستبداد".

وأكد أن "الحقيقة حاجة كل جيل! لو أن كل المسؤولين عن الشؤون الزمنية العامة في أوطاننا يمارسون سلطتهم وواجباتهم بنور الحقيقة لنعم الشعب كله بالخير العام والعدالة والسلام واحترام كرامة الإنسان وحقوقه. ولو أن جميع المسؤولين عن الشأن العام اختبروا جمال الحقيقة التي تحرر، لتحرروا هم من مصالحهم المادية غير المشروعة وحساباتهم الآنية ومن تجارة المحاصصة، وحرروا غيرهم ، ولقدروا قيمة الأحرار الذين يستمدون قوتهم من كفاءاتهم وأخلاقيتهم واستقامتهم واحترامهم للقانون، لا من الاستزلام والاستقواء والولاء للأشخاص؛ ولبحثوا عنهم وعهدوا إليهم بالمسؤولية التي هم جديرون بها".

وختم الراعي بالقول:"أيها الإخوة والأخوات الأحباء، يا شبيبتنا المارونية الواعدة، تشددوا وتشجعوا! لا تخافوا! أنتم في قلب الله. أنتم بالخلق والمعمودية والميرون صنع الله، وتحفة الخلق والفداء. حافظوا على هذه التحفة لكي تصونوا حياتكم، وتشهدوا للحق، وتبنوا مجتمعا أفضل، حيثما كنتم. انطلقوا كالنسور الى اوطانكم متجددين بالقيم الانجيلية والاخلاقية. وبركة الله المسبح والممجد، الآب والابن والروح القدس، تكون معكم الآن وإلى الأبد، آمين".

معزوفات تراثية

بعد القداس وعلى مدى الساعة استمع الشباب الى المعزوفات الوطنية والتراثية التي قدمتها الاوركسترا العسكرية الهارمونية التابعة لموسيقى قوى الامن الداخلي بقيادة الرائد انطوان طعمة.

وكانت الوفود الشبابية وصلت الى الديمان مساء امس حيث استقبلهم الراعي مرحبا بهم في الديمان، ومترئسا بحضورهم صلاة المساء في باحة الصرح البطريركي .