اخبار عمانية - المبعوث الأممي يلتقي برئيس البرلمان والأطراف الليبية لتقريب وجهات النظر



المبعوث الأممي يلتقي برئيس البرلمان والأطراف الليبية لتقريب وجهات النظر

ابن علوي: أفكار جديدة للأمم المتحدة تهدف إلى إشراك القبائل في الحل الشامل

كوبلر: ضعف المؤسسات يعرقل جهود الحل.. صالح: نثمن جهود السلطنة في دعم الحوار الليبي

كتب: سالم بن حمد الجهوري

استضافت السلطنة أمس جلسة المباحثات بين المبعوث الدولى إلى ليبيا مارتن كوبلر ووفد يتألف من رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح وأعيان القبائل الليبية والذين اغلبهم من قبائل برقة الاقليم الشرقي بليبيا والتي تهدف إلى البحث فى مطالب القبائل وملاحظاتها على اتفاق الصخيرات الذى أتى بحكومة فايز السراج.

وقد ترأس الجلسة رئيس البرلمان الليبي بحضور الممثل الأممي وأعيان القبائل الليبية وسعادة قاسم بن محمد الصالحي سفير السلطنة المعتمد لدى الجمهورية التركية، وبحث الجانبان الملاحظات التي قدمها أعيان القبائل والتى تهدف إلى شرح وجهة النظر الخاصة بهم للعالم وتوضيح بعض ماتراه من حقائق حول الوضع الراهن على الارض الليبية بهدف جمع كل أطياف الشعب الليبي تحت مؤسسات واحدة بدءاً من الحكومة بهدف دعم جهودها فى إنجاز ما أوكل لها في إدارة دفة البلاد خلال هذه المرحلة.

وقدم اعيان القبائل وجهة نظرهم للمبعوث الأممي الذي ناقش الحضور حول الكثير من النقاط والاستماع الى مقترحاتهم الهادفة الى أن تؤخذ في الاعتبار وشرحها للعالم، وتم ايضا الاتفاق على عقد جلسات أخرى مع قبائل فزان وطرابلس.

في ذات السياق التقى معالى يوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية كلا من فخامة المستشار عقيلة صالح عيسى رئيس البرلمان الليبي ومارتن كوبلر معبوث الأمم المتحدة إلى ليبيا كلا على حدة بمبنى وزارة الخارجية صباح وظهر أمس.

وبحث معاليه مع رئيس البرلمان الليبى آخر المستجدات حول الأزمة الليبية وأهمية إيجاد حل يجمع الاطراف المعنية من خلال المحادثات المباشرة بين زعماء القبائل والمبعوث الأممي حتى يمكن إيجاد ارضية مشتركة مع نتائج اجتماع الصخيرات. وناقش الجانبان وضع آلية لإنجاح الحوار الحالي بين الأمم المتحدة وأعيان القبائل بهدف الأخذ فى الاعتبار مطالب هذه القبائل ودمجها مع مخرجات حوار الصخيرات الذي تكلل بإيجاد حكومة وفاق وطنية.

كما تطرقت المحادثات إلى أهمية قيام الوفد الحالي برئاسة رئيس البرلمان بزيارات إلى الدول الفاعلة في الأزمة الليبية لشرح وجه نظر القبائل في بعض ما تم التوافق عليه في المغرب.

وأثنى رئيس البرلمان الليبى بالدور الذي تقوم به السلطنة  في جمع اطراف الأزمة الليبية لإيجاد مخرج لها، وذلك من خلال الدعم الذي تقدمه باستمرار وهذا مقدر لدى الشعب الليبي.

كما التقى معاليه ظهر أمس مارتن كوبلر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا وبحث الجانبان سبل إيجاد وسائل جديدة لحل الأزمة الليبية حيث ناقشا أهمية إشراك القبائل الليبية في الحوار والأخذ بملاحظاتها كونها تمثل مكونات البرلمان من ناحية ولدعم المؤسسات التي تسند أداء الحكومة الليبية الحالية التي يرأسها فايز السراج ودمج مخرجات هذا الحوار مع نتائج حوار الصخيرات الذي تم في المملكة المغربية وأتي بحكومة السراج.

وثمن كوبلر جهود السلطنة الداعمة للحوار الحالي والذى سبقه وكل ما بذلته السلطنة خلال الفترة الماضية للمساعدة فى إيجاد حل للأزمة الليبية التي تمر بعدد من الصعوبات وتحتاج إلى جهود الجميع في تخطيها، وأكد أن الدور العماني له ضرورة كبرى في دعم كل المحادثات الليبية خلال الفترة المقبلة من أجل التوصل إلى نتائج شاملة تبدأ معها ليبيا عهداً جديداً.

كماعقد فخامة المستشار عقيلة صالح عيسى رئيس مجلس النواب الليبي بمقر إقامته بفندق جراند حياة مسقط اليوم اجتماعًا تشاوريًا مع شيوخ القبائل الليبية بحضور مارتن كوبلر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا في إطار الاجتماعات التي تستضيفها السلطنة للأطراف الليبية.

تم خلال الاجتماع استعراض آخر مستجدات الاستحقاقات الوطنية لتقريب وجهات النظر للوصول إلى رؤية وطنية موحدة لجميع الأطراف الليبية لضمان استقرار وأمن ليبيا والتطرق إلى أبرز الخلافات الحاصلة في الاتفاق السياسي والاستماع إلى أفكار ومقترحات القبائل الليبية لتحقيق اتفاق حقيقي يعود بالأمن والاستقرار على ليبيا وشعبها.

ابن علوي: نهدف إلى إيجاد طريق موحد

وقد أوضح معالي يوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية لـ»عمان» بعد لقائه مارتن كوبلر المبعوث الأممى إلى ليبيا فى تصريح خاص لـ عمان أن جهود الجولة الحوارية التي تعقد في السلطنة بين المبعوث الأممي وأعيان القبائل الليبية تهدف إلى إيجاد طريق موحد يجمع بين نتائج اتفاق الصخيرات ومطالب زعماء القبائل بهدف إيجاد مسار واحد يفضي إلى حكومة توافقية ومؤسسات داعمة لتلك الحكومة.

حيث تعمل حالياً الأمم المتحدة على إنجاز مسار جديد للمحادثات يهدف إلى دمج رؤى المكونات القبلية الليبية مع نتائج اجتماع الصخيرات الذي عقد بالمملكة المغربية، يهدف الاتفاق المنتظر إلى إيجاد قواعد جديدة مكملة لاتفاق الصخيرات بين السياسيين ومنظمات المجتمع المدني والقبائل حيث سيلتقي الجميع على طريق واحد، لينتهوا إلى قضاء موحد.

وأشار معاليه إلى أن المبعوث الأممي لديه هذه الفكرة الجديدة بعد أن التقى رئيس البرلمان وأعيان القبائل والعشائر حيث تشكلت قناعات لهكذا مسار والذي منه لا بد أن يفضي إلى حل يضع ليبيا على بداية الطريق.

وقال معالى الوزير إن المكونات القبلية في المجتمع الليبي قوية وكبيرة، وهذه المكونات تعتقد أنها لم تنل حقها فى اتفاق الصخيرات خاصة المنطقة الشرقية التي تعتبر أكبر أقليم فى ليبيا.

وأشار الى أن الأمم المتحدة انجزت اتفاق الصخيرات للجماعات السياسية، وبعض القبائل والمجتمع المدني وبعض الثوار وكل ما نتج عن ثورة الربيع العربي، وبعد أن مرت بمخاض توصلوا إلى اتفاق جيد ولا يختلف عليه، حيث شكلت الحكومة برئاسة فايز السراج ومعه النواب اضافة إلى وجود بعض الشخصيات من البرلمان على أن يتحول المجلس الوطني إلى مجلس الدولة، إلا أن هذا الاتفاق صار عليه بعض الخلاف.

حيث أقام السراج في طرابلس وبعض أجهزة الدولة معطلة وقامت الميلشيات بحراسة العاصمة وأبدت بعض الاطراف التي في الشرق الليبي مثل برقة وفزان وفي الجنوب لديها بعض الملاحظات على بعض الاسماء التى دخلت الحكومة، كما دخلت داعش فى الأمر وانصار الشريعة واسماء من كل مكان، والبرلمان يعتبر الجسم الوحيد الذي يمثل الليبيين والذي لديه الشرعية من الشعب الليبي والحكومة التي شكلت فى الصخيرات لديها شرعية دولية فالحفاظ على هذه الكيانات مهم ولا يعني انهم الآن لم يتمكنوا من العمل بشكل صحيح لكن في يوم من الأيام سيتفق الليبيون وسيحتاجون إلى هذه الكيانات للمصادقة على الوثائق التي سيتفقون عليها.

وأكد معاليه أن عقيلة صالح رئيس البرلمان والوفد المرافق له سيقوم بجولات إلى عدد من الدول ليوضحوا وجهة نظرهم حول دور هذه الكيانات القبلية فى تاريخ ليبيا وقد بدأو من السلطنة لثقتهم فى مصداقية سياستها ولتساعدهم فى ايضاح الرؤية التى يريدون ايصالها.

كوبلر: ضعف المؤسسات يعرقل الجهود

من جهته رحب مارتن كوبلر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا بالدور الذي تؤديه مسقط فى حلحلة المشكلة الليبية، وقال في تصريح خاص لـ عمان أن مساعدة السلطنة لجهود الأمم المتحدة محل تقدير كبير فى عملية إشراك القبائل الليبية في العملية السياسية لأنهم يمكن أن يخلقوا الشرعية، وأقدر شخصياً اهتمام القيادة العمانية وقبولها المساعدة في هذا الجانب، والذي نأمل أن يثمر عن نتائج ايجابية خلال الأسابيع القادمة، يفضي إلى إيجاد حكومة واحدة ومؤسسات تساهم في دفع جهود هذه الحكومة قدماً، ومن المهم بمساعدة العمانيين أن نقوم بإشراك جميع القبائل في العملية السياسية الذين يمكن أن يخلقوا الشرعية لأن الاعيان لديهم علاقات قوية ومباشرة مع الأفراد، ويجب أن نستثمر هذة القدرة على التواصل.

وأضاف كوبلر أن تعثر الحل السلمي في ليبيا يعود إلى عدة أسباب أبرزها أن ٤٢ عاماً من حكم النظام السابق لم يوفر مؤسسات قادرة على الاستمرار بعد انتهاء تلك الحقبة.

حيث إن غياب المؤسسات التشريعية أضعف كثيراً الدولة الليبية، لذلك فإن هذا الحوار السياسي الليبي من أجل أن توجد هذه المؤسسات ولإيجاد الدستور والمؤسسات الفاعلة.

كما أننا نطمح إلى تعزيز المؤسسات القائمة بما فيها النواب والرئاسي والدولة، وأن يكون الجيش الليبي موحدا لمحاربة الارهاب وداعش.

صالح: توضيح للمجتمع الدولي

أكد عقيلة صالح عيسى رئيس البرلمان الليبي على أهمية الحوار الذي استضافته السلطنة يوم أمس والهادف إلى إيجاد مخرج للأزمة الليبية الحالية لإعادة الانطلاق مرة أخرى نحو توافق الجميع فى ليبيا على المرحلة المقبلة.

وشدد على ضرورة أن تكون هناك حكومة موحدة لجميع الليبيين وتنال الثقة وتؤدي اليمين أمام مجلس النواب، وابدى صالح رفضه أن تكون هناك حكومة لا تنال الثقة ولا تؤدي اليمين الدستورية أمام البرلمان كما هو معمول به في العالم وجدد رفضه عدم قبول فرض أي حكومة من الخارج لأن هذا يخص الشعب الليبي وسيادته ولا يمكن التنازل عنها وهذا ما يطالب به الليبيون.

وأشار إلى أن العقبات المتبقية هي عدم فهم المجتمع الدولى لخصوصية الشعب الليبي وهو يرفض أي تدخل خارجي، كما أنه حصلت خروقات في الوفاق السياسي الذي تم وأهمها يجب أن تكون العاصمة طرابلس خالية من الميليشيات المسلحة ولا يكون مجلس الدولة إلا بعد التعديل الدستوري، وهذا ما لم يتم.

وقال أننا نعول كثيراً على جهود السلطنة في مساعدة الليبيين فى إيجاد مخرج لهم من الأزمة الحالية، نظراً لما لها من موقف حيادي يحترم من الجميع.

 

سوق نزوى .. مدينة تزدهر فيها التجارة

تجار من مختلف الأعمار لمجتمع خبر الحياة التجارية

اليوم التجاري يبدأ مع تباشير الفجر وينتهي بعد منتصف الليل وسوق الجمعة حالة خاصة

نزوى – محمد بن سليمان الحضرمي

لسوق نزوى حالة خاصة ونكهة خاصة، فهو أشبه بمدينة كبيرة تزدهر فيها التجارة، ومنذ قديم الزمان كان سوق نزوى مركزا تجاريا تحتشد فيه مختلف أصناف المبيعات، فهناك سوق شعبي تتكدس في دكاكينه بطريقة تقليدية أصناف من المبيعات، وسوق آخر خاص بالثياب، وآخر للأغنام والأبقار، وآخر للحرفيات والفضيات والنحاسيات والذهب والفخاريات، وسوق للمنتجات الخضرية والفواكه والحلوى والمكسرات، وحيثما يمّم الزائر وجهته داخل سوق نزوى سيجد فيه بغيته، وما يميزه أنه محافظ على نمطه القديم في البيع، بين بائع يجلس أمام دكانه، ينتظر من يأتي إليه، وآخر ينادي على بضاعة معروضة، فيتحلق حوله الناس، ويزايدونه.

ومن يزور سوق نزوى صباح يوم الجمعة سيجده مأهولا بالناس، وبالمنتجات التي يعرضها الناس للبيع من مختلف القرى والمدن المجاورة، وبعضها من قرى الجبل الأخضر، ويتزاحم الناس هذه الأيام على هبطة بيع المواشي، مشكلين حلقة كبيرة تحت مظلة خصصت لهذا الغرض، وخلال مدة لا تزيد عن ساعتين، تبدأ من الساعة السابعة وتنتهي بالتاسعة، تباع عشرات المواشي، يدفع ثمنها المشتري ويقبضه البائع في الحال، وللدلال نصيب منه يصل إلى خمسة ريالات لكل مائة ريال بتراض بينهما.

سوق نزوى حالة خاصة

إن سوق نزوى يشكل حالة خاصة عن بقية الأسواق المجاورة بمحافظة الداخلية، باعتبارها حاضرة ومركزا تجاريا عريقا منذ فجر التاريخ، أكسب المدينة شهرة واسعة في مجال التجارة، كما أكسب التجار وهم أحفاد التجار الأوائل خبرة طويلة في هذا المجال، وفي كل ركن من أركان السوق العريق يوجد باعة من كبار السن، لهم خبرتهم في هذا المجال، سواء أكانوا دلالين وهم أصحاب خبرة في المناداة على المواشي، أو تجار ورثوا التجارة عن آبائهم وأجدادهم، والجميل في هذا المشهد الرائع هو التعانق ما بين الأجيال، بين كبار السن والصبية الصغار الذين يتعلمون مهنة التجارة من آبائهم.

أسر عريقة في مهنة التجارة، وسوق بعراقة المدينة، فسيح الأرجاء، يشكل مع القلعة الأثرية والجامع والحارات القديمة المجاورة، مدينة تتكامل فيها كل مكونات ومقومات الحياة، فالزائر للسوق لا يخرج فقط بالمشتريات، وإنما تتفاعل نفسه ومشاعره مع كل المفردات التي يشاهدها ويصادفها ويراها بعينه، وليس داخل السوق معروضات ومبيعات فقط، بل مكونات حضارية وثقافية لمجتمع خبر الحياة التجارية، يحس بها البائع والمشتري، وإذا كان التاريخ يقص حكايته في صفحات الزمان، فإن تاريخ سوق نزوى العريق يسرد حكايته أيضا، خاصة في الأيام التي تسبق العيد، ولطالما شهد السوق أياما كثيرة لآلاف الأعياد التي مرت عليه، أيام تجارية تعطي للعيد أكبر وأجمل فرحة، وتزرع في النفس حبها من الزيارة الأولى له.

هبطة بيع الأغنام والأبقار

قبل أيام زرت السوق، وكان يوم الجمعة مزدحما بالناس، يتوافدون إليه بعد صلاة الفجر مباشرة، لشراء الخضار والفواكه الطازجة، تباع بالمناداة والتجزئة، وأغلب الناس يتسارعون إلى هبطة بيع الأغنام والأبقار، فهنا تباع الأغنام والأبقار بالمناداة، ومن يرغب في الشراء فعليه أن يزيد في السعر، والرائع في هذه الحلقة أنها تشبه شاشة كبيرة متحركة، تبث وجوها من مختلف الأعمار، وتبدأ المناداة الساعة السابعة، والناس يصطفون في الحلقة قبل هذا الوقت، وكلهم في انتظار لبدء المناداة على الأغنام، وتتلوها الأبقار، وقد بلغ أعلى سعر للغنم الجمعة الماضية 370 ريالا، فيما بلغ أعلى سعر للبقر ألف ريال، بعض هذه الأبقار تجلب من القرى المجاورة لنزوى، وبعضها من الباطنة ومحافظة ظفار.

ومن حلقة بيع الأغنام والأبقار ينفتح السوق في جانب آخر منه على سوق بيع الفواكه الطازجة والخضروات، حيث يباع التين والرطب والعنب، كما يباع فيه البوت أيضا، وهو ثمر يشبه العنب في استدارته، لأشجار معمرة تنمو في سفح الجبل الأخضر، وإذا سألت أحد الباعة عن العنب من أين يُؤتى به، فسيرد عليك من (الوطى)، أوالقرى الواطئة المجاورة لسفح الجبل.

فواكه الصيف اللذيذة

وفي الساحة الخارجية للسوق، مررت على باعة يفترشون الأرض، ويتظللون بالأقواس وظلال الأشجار، يعرضون فواكه الصيف اللذيذة، ورغم توقد الطقس إلا أنهم يحتملون ارتفاع درجة الحرارة، حيث يباع الكيلو من التين بثلاثة ريالات، وثمر البوت بثلاثة ريالات ونصف الريال، والعنب المحلي بريالين، ورطب الخنيزي بريالين، هذه المعروضات تباع بالتجزئة، يكون التاجر قد اشتراها بالجملة في الصباح الباكر، ويظل يعرضها للبيع طيلة النهار، وأغلب المعروض ينفد خلال الفترة المسائية، وفي اليوم الثاني يعاود التجار شراء الفواكه من ساحة المناداة، ليبيعه للناس بالتجزئة من جديد، وهكذا الحال كل يوم، وقد تتغير المواسم وتأتي بأصناف جديدة، كالخوخ والمشمش والرمان أو مختلف أصناف الرطب.

ولأن الأيام التي نعيشها هي أيام عيد، والعيد يطرق الأبواب بمباهجه، ورمضان يودعنا بروحانية أيامه ولياليه، فإن كثيرا من الناس يرون في السوق فرصة للتبضع، وشراء ما يحتاجونه مما يخص حاجات العيد، بدءا من (المشاكيك) لشي اللحم وتقديده، والجواني السعفية والخيطية للشواء، ويعرف لدى الأهالي باسم (خصفة الشواء)، تصنع عادة من خوص النخيل، والبعض يفضل الجواني، أكياس تستخدم لحفظ الأرز، فيعاد استخدامها للشواء.

رائحة الحلوى الشهية

وتفوح في الأرجاء رائحة الحلوى الشهية، وفي نزوى لها صناع مهرة، واشتهرت حلوى أولاد نصير الصباحي، والسيفي والقصابي والعوفي والطيواني وغيرهم، بعضهم يصنع الحلوى في مواسم العيد فقط وبحسب الطلب، وبعضهم صارت لهم مهنة يومية، فالناس أصبحت تشتري الحلوى لتكون ضمن مكونات طبق القهوة العمانية.

الحلوى في نزوى لها تاريخ ضارب في القدم، واشتهرت أسرة أولاد نصير بصناعة الحلوى، حيث يتحدث سعود بن سيف بن نصير الصباحي، أن والده سيف هو صاحب الحلوى المشهورة لدى الناس، حتى أصبح يضرب بها المثل في جودتها ولذة طعمها، كما اشتهر والده بالكرم وحسن الضيافة، وكان الناس يأتون إليه من كل أنحاء المدينة، وبلغت شهرتها إلى خارج السلطنة، فكان المسافرون إلى الخارج يأخذون معهم الحلوى العمانية المصنوعة من مكونات محلية، كالنشاء والسمن البلدي والسكر الأحمر.

وفي سوق نزوى يصطف صناع الحلوى في قائمة مبيعات واحدة، بعضهم أكسب انتشارا واسعا بحسب الجودة والطاقم الذي يعمل في المصنع والكمية التي يصنعونها، وخلال أيام العيد يكثر صناعة الحلوى لدى كل صناعها، وبعضها يصنع أطنانا من الحلوى فيعرضها داخل السوق وخارجه، وبعضهم تأتيهم طلبات من خارج السلطنة، كل بحسب شهرته وإمكانياته في البيع والتوزيع والتصنيع، وتطورت الحلوى لدى صناعها، فأضافوا لها مكونات جديدة، بعضهم يدخل في صناعتها المكسرات بأنواعها، وصنعوا حلوى من التين.

عراقة السوق الشعبي

وفي جولة داخل السوق الشعبي بنزوى والمعروف باسم (سوق الصنصرة)، أو السوق الشرقي، لا يزال السوق قائما على حاله كما كان منذ عهود غابرة، ورغم أنه آيل للسقوط إلا أن التجار متمسكون بالبقاء فيه، فهو يمثل لهم مكانهم المفضل، ويبدو أنهم تآلفوا معه وعاشوا فيه منذ نعومة أظفارهم، أغلب التجار فيه من كبار السن وأهل خبرة وتجربة، يعرضون مبيعاتهم بلا ترتيب ولا تنسيق، ولكن حين تسأل أحدهم عن شيء ما، فإنه في الحال يأتي به، ويستله من بين ذلك الركام المتكدس على جوانب الدكان. يباع في هذه الدكاكين مختلف أنواع السعفيات الملونة والخوصيات الجميلة، والحبال المفتولة، والمقتنيات القديمة، وبعضهم متخصص في بيع البهارات، وبعضهم يبيع العسل والسمن المحلي، وأنواع البذورات الزراعية، ورغم أن الدكاكين صغيرة في حجمها وسعتها الداخلية، إلا أنها تحوي الكثير من المبيعات والصناعات الحديدية، والزيوت والأعشاب الطبية، والعطور وغيرها، وتتبع هذه الدكاكين مخازن لحفظ الاحتياجات، فما يعرضه التاجر في دكانه هو الأكثر مبيعا، وفي المخازن يحتفظ بالكثير، يعرضه بعد أن ينتهي من بيع ما في دكانه.

كان سوق الصنصرة، مربطا للخيول، وهذه المعلومة أخذتها من باحث في علوم التاريخ، وهو الخطاب بن أحمد الكندي، حيث أكد أن السوق بشكله الحالي أروقة متداخلة كانت مرابط للخيول، وهذا ليس بمستبعد، فالقلعة والحصن الأثريان المجاوران للسوق كان كرسي الحكم لأكثر من ألف عام. ورغم الحاجة إلى ترميم هذا السوق إلا أنه بشكله القديم يبدو رحبا وواسعا، يفد إليه الزوار والمشترون خلال فترتي الصباح والمساء، حيث يفتح في الصباح الباكر ويغلق في وقت صلاة الظهر، ويفتح من جديد بعد صلاة العصر وحتى المغرب، وبين هاتين الفترتين تنشط الحركة التجارية داخل السوق، ويزداد الإقبال عليه خلال أيام العيد.

لوز وجوز وفستق وكازو

وللمكسرات تجار خاصون، تجدهم في السوق القديم، أو قريبا من جناح بيع الحلوى العمانية، من بينهم محمد بن حمود الكندي الذي يبيع المكسرات منذ سنوات طويلة، يقول: إنه قمت بتوحيد ثمن المكسرات، حيث الكيلو جرام من اللوز والجوز والفستق والكازو كل منها بقيمة خمسة ريالات، ويؤكد على ضرورة استقبال المشترين ببشاشة وجه ورحابة صدر، وهذه البشاشة هي مفتاح المحبة بين الناس، ولذلك فهو دائم الابتسام، ويستشهد في ذلك بقول الشاعر: بشاشة المرء خير من العطاء .. فكيف إذا حاز البشاشة والعطاء.

ويستقبل خميس أمبوسعيدي أصدقاؤه وزبائنه في جلسة صغيرة أوجدها بجانب محله الذي يزاول فيه حرفة الخياطة، حيث يمتهن خياطة الملابس منذ 50 عاما، وهو أقدم خياط ثياب عماني في سوق نزوى، وحاليا يخيط العمائم ويبيع الثياب الرجالية، الجاهزة، وهو في جلسته مع الناس والزبائن يشعر بذاته، حيث يكسب رزقه من هذه المهنة، وأصبح دكانه متميزا بنكهته العمانية.

السوق في العشر الأواخر

كما يؤكد البائع عبدالله السيباني أن الحركة التجارية تنشط كثيرا مع بدء العشر الأواخر من شهر رمضان، ففي النهار يشهد السوق حركة، نظرا لتنوع البضاعة فيه، وفي الليل يغلق السوق وتفتح المحلات الأخرى التي تبيع الثياب والمجوهرات. ويقول تاجر آخر: إن تجارة الثياب تزدهر في الليل، حيث تباع الكميم العمانية والمصار، ويقبل الشباب على شرائها بعد صلاة التراويح، وتبقى هذه المحلات مفتوحة إلى منتصف الليل. وعلى امتداد الشارع الداخلي للسوق، يقوم بعض الصبية الصغار بعرض أنواع من الكميم والمصار، يعرضونها بأسعار زهيدة، فيرسمون في المكان لوحة رائعة، يشعر فيه الزائر بالحيوية والحركة والنشاط.

ورغم تفاوت أسعار مبيعات الكميم إلا أنها غير منضبطة، بعضهم يستغل الموسم فيرفع الأسعار، وبعضهم بربح بسيط، مكتفيا بما سيكسبه حتى يوم العيد، وبعضهم يراهن على الجودة، فالكمة العمانية لا تصنعها اليد العمانية فقط، إنما أسهم الوافدون في صناعتها كثيرا، وأغرقوا السوق بأنواع منها، أنواع في أقمشتها وألوان مختلفة في نقوشها، كما تباع المصار الكشميرية بكثرة في مثل هذه الأيام، وكل نوع له تسعيرته الخاصة.

هبطة سابع

ويشهد سوق نزوى كغيره من الأسواق الشعبية حركة تجارية استثنائية في اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان، أو (اليوم السابع) من شهر ذي الحجة، وتعرف باسم (هبطة سابع)، ولها في ذاكرة الناس ذكريات لا تنسى، حيث يكتظ السوق بحركة تجارية نشطة، لذلك فهبطة سابع لها اعتبارها ويحسب لها الناس من باعة ومشترين حسابات ربحية وفيرة.

إن لسوق نزوى حالة خاصة مثلما له نكهة خاصة أيضا، وتنوع معروضاته وتعدد مبيعاته واحدة من أسراره الجميلة، وهو ما يجعله أشبه بمدينة متكاملة، يجد فيه المستهلك بغيته، فهو السوق الذي يبدأ يومه مع تباشير الفجر، ويغلق أبوابه بعد منتصف الليل.

 

إنتاج فرن يدوي لحرق الخزف بجامعة السلطان قابوس

قام طلبة من جماعة الفنون التشكيلية بعمادة شؤون الطلبة في جامعـة السلطان قابــوس بإنتاج فرن يدوي لحرق الخزف، وقال الطالب حاتم الشعيـلي: «يعتبر فن الخزف من الفنون المهمة التي عُرفت بجماليات منتجاتها وجودة معالجاتها الفنية، إلا أن ثمّة مشكلة تواجه عدداً لا يستهان به من الخزافين، وهي ارتفاع أسعار الأفران المستخدمة في عمليات حرق المنتجات الخزفية، وعليه تأتي ورقة العمل هذه لتوثّق تجربة إنتاج فرن يدوي بواسطة أدوات قليلة التكلفة وبخطوات بسيطة يستطيع أي فنان السير عليها لإنتاج فُرنه الخزفي الخاص به».

وأضاف الطالب منتصر الغافري: «نتج عن هذه التجربة مخرجات مُرضية تؤكد نجاح التجربة، وما للفرن من إمكانيات يمكن استغلالها في إنتاج الأعمال الفنية الخزفية».

وقد مرّ الفرن اليدوي بعدة مراحل لإنتاجه، ففي الخطوة الأولى تم اختيار الحاوية وتجهيزها، إذ أنه ثمّة حاويات عديدة يمكن استخدامها في إنتاج الأفران الخزفية. ويتوقف حجم الحاوية وشكلها تبعاً لحجم وشكل الفرن المراد إنتاجه، أما عن الحاوية المستخدمة في إنتاج فرن هذه التجربة فتتمثل في استخدام حاوية الغاز مبنية من الحديد وقطعها بواسطة أدوات قَطع مناسبة، مع العلم أن أدوات القطع قد تختلف مع اختلاف سُمك الحاوية المستخدمة، فمع السُمك الأكبر لابد من استخدام أدوات قطع أكثر تقدماً.

فيما تم في الخطوة الثانية تبطين الحاوية بالصوف الحراري، إذ يتم تقطيع الصوف تبعاً لمقاسات الحاوية ثم ربطه في بطن الحاوية من الداخل بواسطة أسلاك معدنية تتحمل درجات الحرارة العالية.

وتم في الخطوة الثالثة ضبط أنبوب الغاز، وهو أنبوب معدني ذو فوّهتين من أحد جوانبه، يتم تثبيته بالحاوية بحيث يصل بين الفراغ الخارجي المحيط بالحاوية وبين الحاوية من الداخل، وذلك بعد ثقب الحاوية تبعاً لمقاسات فوّهة الأنبوب المراد تثبيته. أما في الخطوة الرابعة فتم تثبيت المجفف الكهربائي ومضخة اللهب، ويقصد به مجفف الشعر المتعارف عليه، حيث يتم تثبيت هذا المجفف على فوّهة الأنبوب المعدني في الفوهة الجانبية من الطرف المواجه للفراغ الخارجي، وتثبيت مضخة اللهب في الفوهة الأمامية من الطرف ذاته.

وتكمن أهمية هذا المجفف هنا في دفع الأكسجين لداخل الحاوية.

وتم في الخطوة الأخيرة تجهيز الفرن للحرق، ويتم ذلك بصف الألواح الحرارية داخل الفرن، ووضع المنتجات الطينية المراد حرقها عليها، وفي حال غياب الألواح الحرارية يمكن للخزّاف تبطين الأرضية بالصوف الحراري ووضع الأعمال المراد حرقها عليه.