الافتتاحية: قالت العجائز: في الأزمنة الرديئة كل شيء جائز!



بالنظر للاتصالات العديدة والايجابية، التي وردتنا حول افتتاحية  مجلة "الميدل ايست تايمز" لعدد (يونيو)، قررنا نشرها على موقع المجلة الالكتروني، وهذا النص الكامل:

الافتتاحية: قالت العجائز: في الأزمنة الرديئة كل شيء جائز!

ليس من قبيل الصدفة أن يتحدث السيد بان كي مون عن توطين السوريين في لبنن، لأن هذا الطرح الجديد من الأمين العام للامم المتحدة، قد يكون ضمن مخطط أكبر وأشمل في المنطقة.

في الكواليس السوداء لبعض الدول المؤثرة في وضع المنطقة، هناك مخططات تقول أن تكثيف أعداد اللاجئين السوريين في لبنان، ربما ينتهي بمحاولة توطينهم، حيث يتواجدون.

ومن جانب آخر، يقول المخطط إن اسرائيل ستعمل على تهجير المزيد من الفلسطينيين الى لبنان، لتوطينهم أيضاً مع من سبقهم الى المخيمات الفلسطينية في بلاد الأرز. وكل ذلك قد يأتي بهدف تهجير المسيحيين، من لبنان او دفعهم الى الهجرة القسرية الى بلاد الله الواسعة.

لذلك كانت مصادر فاتيكانية عليا، قد حذّرت بعض الزعماء الموارنة، من مؤامرة كبيرة قد تهدف الى ترحيل المسيحيين من لبنان، وقد تكون مدّة سنتين فقط هي الوعاء الوقتي للبدء بتنفيذ هذا المخطط.

من هذا المنطلق، نعتقد ان افشال محاولة انتخاب رئيس جمهورية مسيحي في لبنان، تعتبر الخطوة الاولى في اطار هذا المخطط وتنفيذه. لذلك يجب على الزعماء المسيحيين في لبنان، أن لا يستسلموا لحالة عدم وجود رئيس منهم، لأن هذا التفشيل يعتبر أول الغيث، من تنفيذ المخطط الجهنمي الذي يهدف الى اقتلاع شعب من أرضه.

ان السيد بان كي مون، الذي اطلق الشرارة الاولى، لتوطين اللاجئين السوريين في لبنان، هل يدرك كم عانى هذا البلد من الحروب، التي حاولوا من خلالها مراراً وتكراراً، لتوطين الفلسطينيين فوق اراضيه؟

وهل يعلم أن من هزم المحاولات الاولى، يستطيع أن يهزم المحاولات الثانية، مهما كلف ذلك من تضحيات؟

لذلك في رأينا، على المسيحيين في لبنان شعب وقيادات ان يتخلوا عن مصالحهم الخاصة، والعمل يد بيد على توحيد صفوفهم، مهما غلت الاثمان، لأن مهالك كبيرة تنتظرهم، ولأن مصيرهم بخطر.

وقد يقول البعض، أن الهدوء النسبي السائد في لبنان، لا ينبىء بحدوث حروب من هذا الحجم، لكن ذلك قد يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة.

في هذا المصير الأسود، نريد أن نسأل الدول الكبرى، لا بل نريد ان نسأل العالم كله، هل أنهم عبر التاريخ كانوا قد صنفوا لبنان، الوطن البديل للاجئين والمنكوبين في هذه المنطقة؟

منذ الهجرة الارمنية، الى هجرة الفلسطينيين، ثم الى هجرة السوريين اليوم، نستطيع ان نتلمس الحقيقة التالية:

أن لبنان لو لم يكن هزيلاً في تركيبته الاساسية، ومفككاً في محتواه الشعبي، لم تكن الحلول للمنكوبين من الدول الأخرى تطرح عليه وعلى حسابه.

لذلك، نسأل الله أن يلهم اللبنانيين جميعاً على توحيد صفوفهم ضمن حدود الوطن الواحد، لأن المركب اللبناني اذا ما تعرض للغرق، فعندها لم ينج منه أحداً.

وفي هذا السياق، نقول للسيد بان كي مون، أن جريمة توطين السوريين في لبنان ستكون جريمة مزدوجة، نصفها الأول، يكمن في عدم إرجاع السوريين الى بلادهم وارضهم، ونصفها الثاني محاولة اقتلاع المسيحيين من وطنهم لبنان، لتوطين آخرين بدلاً منهم، فهل هذا ما يريده المجرمون، الذين يتاجرون بمصائر شعوب لها في رحاب تاريخ الإنسانية ألف جولة وجولة؟

نعم... لقد قالت العجائز أن في الأزمنة الرديئة كل شيء جائز!

                                                                                                                                                   رئيس التحرير