الدكتور جان دانيال سفير لبنان في استراليا ينهى خدمته - شكر وثناء





الدكتور جان دانيال سفير لبنان في استراليا ينهى خدمته - شكر وثناء

تحرير فادي الحاج

11 نيسان 2014

اختتم السفير اللبناني في استراليا الدكتور جان دانيال فترة خدمته في 11 آذار 2014, وقد تولى السيد ميلاد رعد، الذى يشغل منصب نائب رئيس البعثة الدبلوماسية للسفارة اللبنانية في كانبرا، مهام القائم بالأعمال بداية الشهر الماضي. من المهم التنويه على ان السطور المتواضعة القادمة ليس من باب كيل المديح للسفير اللبناني !!، ولكن لتقييم حالة قد شهدتها عن كثب، وهي معروفة بمقدمات الامور لدى الجميع !! يقال ان الدبلوماسي من ضمن تدريباته يتهيئ فكرياً لمرحلة ما بعد الخدمة، لأن تعامل الناس يتغير والمجاملات تختفي. لا شك ان الدبلوماسية هي مجموعة من القواعد والأعراف الدولية والإجراءات والمراسم والشكليات التي تهتم بتنظيم العلاقات بين أشخاص القانون الدولي، أي الدول والمنظمات الدولية والممثلين الدبلوماسيين، مع بيان مدى حقوقهم وواجباتهم وامتيازاتهم وشروط ممارستهم لمهامهم الرسمية والأصول التي يترتب عليهم إتباعها لتطبيق القانون الدولي ومبادئه، والتوفيق بين مصالح الدول المتباينة كما هي، وفن إجراء المفاوضات السياسية في المؤتمرات والاجتماعات الدولية وعقد الاتفاقات والمعاهدات.

ان مهام معظم السفراء في الوقت الحاضر، يقتصر على التمثيل الرمزي لبلاده في مقر يحمل علمها، ومباشرة الأعمال القنصلية ورعاية مواطني الدولة، والسعي لكسب تأييد دولة مقر السفارة للمواقف التي تهم بلد السفارة في المحافل الدولية. نستطيع ان نستنتج ان الدبلوماسية تلعب دورا في سلوك السياسية الخارجية للدول، ولكي تكون الدبلوماسية فعالة ومؤثرة فإنها تحتاج الى ادوات لكي تكملها، ولعل اهم هذه المهارات، هي المهارات التفاوضية التي تعتبر سمة من سمات الدبلوماسية التقليدية.

 أصبح من الصور المرتبطة بالدبلوماسية وعبر تاريخها وكل مراحل تطورها أن المبعوث الدبلوماسي والذي هو أداة الدبلوماسية فى تحقيق غاياتها هو وجه البلد والمجتمع الذى أوفده ليمثله ويعبر عنه ويتحدث باسمه ذلك فإن خصائص هذا المبعوث بكل مكوناتها الشكلى والموضوعى ابتداء من مظهره وسلوكه وتصرفاته الضرورية وتعامله مع المجتمع الذى يعمل بينه حتى مستوى إدارته لعلاقات بلاده مع الدولة المعتمد لديها وما تطلبه هذا من حكمة وترو وثقافة وتكامل فى شخصيته، هذه الخصائص مجتمعة تساهم فى تشكيل صورة البلد والمجتمع الذى يمثله المبعوث ويحكم بها عليه. وهى الخصائص التى برع بها الدكتور دانيال ويمتلكها ويمثلها خير تمثيل، وقد كان تمثيله لبلده لبنان في استراليا كفؤا ومشرفا وفوق التقليد. فقد ترك الكثير من الفضائل في نفوس الجالية التي عمل بها خلال عمله الدبلوماسى وخاصة فى تعاطية مع ابناء الجالية اللبنانية في استراليا ومن اهمها الصدق، الدقة، الهدوء، التواضع والمزاج الحسن، الصبر والولاء وقد اختبرنا هذه الخصائص. وقد كان مضيافا وهو بطبيعته رجلا صبورا يتقن الفن الدقيق للمجاملة ولديه رابط الجأش القادر على أن يستقبل الأخبار السيئة دون أن يظهر عدم السرور ويسمع بنفسه الذم فيه وإساءة النقل عنه دون أن يبدى أدنى الفعال. لقد صور حياته الخاصة في غاية الزهد حتى لا يعطى أى فرصة لنشر الفضائح التي تسئ للوطن من خلاله كممثلا للوطن. تحلى بصفاتا متسامحا ويعلم كيف يلطف من حدة الانتقادات التى يتلقاها.  لقد اثبت بخصائصه من خلال مجموعة من الصفات العملية التى توجه بها كدبلوماسى وقد عمل وأسترشد بها فى مختلف جوانب تعامله مع البيئة الرسمية والاجتماعية التى عمل فيها، فكان تمثيله كفؤا ومشرفا حقا.

 دكتور دانيال كان سريعا واسع الحيلة ومستمعا جيدا مجاملا ومقبولا فى عمله وتصرفاته، ولم يكن هدفه اكتساب الشهرة وإقناع الاخرى بذكائه، ولم يكن يوما مولعا بالخصام ومثيرا للخلافات او ينتهى إلى إفشاء معلومات سرية لكى يثبت أنه على صواب وفوق كل شىء فقد اثبت أنه يمتلك مقدرة كاملة على التحكم فى النفس ومقاوم لشهوة التحدث قبل أن يفكر فى ما سيقوله,  تمييز بطبيعة هادئة والقدرة على ان يتحمل ان لا ينغمس فى ألوان المرح المشاكس والنزوات.  وما يكمل على الجانب الاجتماعى هو استعداده وقدرتة الدبلوماسىة على أن يكون مضيفا محببا وكريما. ومن أهم الصفات التى يتحلى بها الدكتور دانيال انه كتوما وحذرا ومستمعا جيدا، ودائما يجد إجابة ماهرة حتى ولو كانت عادية لكل الاسئلة التى تطرح عليه وفى مجرى المحاداثات لا يكشف عن كل أوراقه فيما عدا ما هو ضرورى لاستكشاف الأرض ويتمتع بقدرة التحكم فى سلوكه بقدر ما يراقب وجوه الآخرين مثلما يستمع إلى ما يخرج من شفاههم. جميل الحضور والوقار والاحترام، كان لطيفا وكيسا ودمثا ومتسامحا وذا طبيعة بسيطة وباعتبار أن الدبلوماسى هو عيون وآذان وفم وربما أنف حكومته، لذلك  كان دائم الحضور فى المجتمعات والحفلات واللقاءات. دكتور دانيال كان واضحا وله ميل للخطابة المختصرة وخاصة فى المناسبات الاجتماعية كان يقتصر حديثه على الجوانب العامة والاجتماعية دون التوغل فى القضايا السياسية مركزا حول النشاطات الإنسانية فى المجتمع الاسترالي. يمتلك الطاقة وسرعة التكيف للمواقف الجيدة، كما يمتلك قدرا غير عادى من الحكم والتقدير السليم الذى يقترن بالخيال الخلاق وبعد النظر والقدرة على التنبؤ وحدة الإدراك ـ Perceptiveness والتى تدعى احيانا بالحاسة السياسية - Political Sense  فيتحمل الأعباء الجسيمة للوظيفة مثل الوقوف لساعات طويلة فى الحفلات والمناسبات الاجتماعية المتعددة والتحدث ورسم الابتسامة والتميز بعدة صفات مزاجية، الصبر والتحمل بهدوء ملل الروتين.

 دكتور دانيال مثل دولته ومجتمعه بكل اتجاهاته وأرائه فبرع بأن يجرد نفسه وهو يؤدى وظيفته من أى انتماءات سياسية أو ميول حزبية . فكان حساسا تجاه العوامل التى تتحكم فى تفكير النظم المختلفة، وكييف نفسه مع المواقف والظروف وإن اختلف فكريا وسياسيا. فيسرني أصالةً عن نفسي ونيابة عن ابناء الجالية اللبنانية أن أتقدم بخالص الشكر والعرفان والتقدير إلى حضرة سفير لبنان الدكتور جان دانيال على ما قدمته من أعمال جليلة وجهد مميز، وما حققتموه من إنجازات نيرة وعطرة طيلة فترة تكليفكم بمهام السفارة اللبنانية وتطويرها وخدمة الجالية اللبنانية في استراليا .وتعتز الجالية اللبنانية وتفتخر بأعمالكم وبصماتكم وما بذلتموه من عطاء متدفق وتفاني في أداء الواجبات المناطة بكم وسعيكم الدؤوب لتحقيق العلاقات والجودة النوعية لكافة الخدمات من منطلق استشعاركم بأهمية خدمة . ومن منطلق الحرص على صون حق التقدير والاعتزاز، وفي رحاب الإحسان والعرفان أقدر لسعادتكم جهدكم المبارك المبذول طيلة السنوات الماضية وما آثرتموه على نفسك ووقتكم لخدمة مسيرة السفارة اللبنانية، وأؤكد لسعادتكم أن ما تركتموه من بصمات ناصعة وواضحة وخدمتكم التي تميزت بالعطاء والتضحية في سبيل أداء الأمانة التي حملتم بها ستظل راسخة في الذاكرة وستجنى ثمارها لسنوات قادمة إن شاء الله، كما أن قلوبنا ستبقى كما هي على الدوام مفتوحة لكم ملؤها السعادة اعتزازاً بكم، وستظل تعتز بجهودكم وتستعين بخبراتكم ورؤيتكم الثاقبة في عدد من المجالات.

سائلاً الله العلي القدير لكم التوفيق والسداد في خدمة الوطن بعد مرحلة من مراحل حياتكم العملية التي يكنّ لها الجميع في هذه الجالية العريقة كلّ تقدير، لما أديتموه من خدمة مشرفة تجاه وطنكم ثم مجتمعكم، مع تمنياتنا المُعطرة بفيض من العــرفان والإمتنان والتقدير الممزوجة بمشاعر المحبة والوفاء لكم بالتوفيق والسداد والعمر المديد .