من واجب رئيس الحكومة أن يسارع إلى السعي الدؤوب لتأليف الحكومة. بقلم: حبيب البستاني





حبيب البستاني*

رئيس حتى ربع الساعة الأخير...

الأول من آب 2022 تاريخ لا يشبه كل التواريخ فهو لم يكن فقط تاريخ عيد الجيش إنما عيد كل الوطن، فمن جهة استطاع رئيس البلاد القائد الأعلى للقوى المسلحة فخامة العماد ميشال عون أن يجعل من هذا التاريخ محطة مفصلية في تاريخ المؤسسة العسكرية وعلامة مضيئة في تاريخ المساواة الجندرية، إذ تساوى عدد الضباط المتخرجين الإناث من المدرسة الحربية مع عدد الذكور، وهذا استكمال لخط العماد عون الذي كرس دخول المرأة إلى الكلية الحربية يوم كان قائداً للجيش.

أما من جهة ثانية فقد اتسم العيد هذه السنة بوحدة سياسية وطنية، وتجلى بدعوة رئيس البلاد دولتي رئيس المجلس والحكومة للاجتماع وإياه في القصر الجمهوري، والذي نتج عنه موقف موحد للبنان عبر عنه فخامته للموفد الأميركي أموس هوكشتين والوفد المرافق له، بالنسبة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع الدولة العبرية، مع التشديد على حقوق لبنان الكاملة في مياهه وحريته الغير متنازع عليها لاستخراج غازه ونفطه. هذا الموقف الذي لاقى إعجاب الوسيط الأميركي هوكشتين والذي عبر عنه من أمام القصر الرئاسي في بعبدا.

الرئيس القوي

لقد كان بعض من في الداخل والخارج يراهن على تفكك الموقف اللبناني، بحيث أن الزيارات الرسمية للموفد الأميركي كانت تتم للرؤساء الثلاثة كلاً على حدة، آملاً أن يتمكن من إحداث فجوة تفتح له باب المناورة من خلالها، أما من في الداخل وفي تناغم واضح مع أعداء الخارج كانت عبارات التهكم تطاول الرئيس القوي والعهد القوي، غامزين من قناة الرئيس عون مسترسلين في وضع شروط ومواصفات لرئيس جمهورية عتيد  "ضعيف" بإمكانه إدارة الأزمة وليس الولوج إلى استنباط الحلول لها.

لقد برهن الرئيس عون للقاصي والداني أن عناصر القوة التي يتمتع بها لبنان والتي إذا ما جرى استثمارها بطريقة ذكية، تمكن اللبناني ليس فقط من الحصول على حقوقه بل حتى الذهاب إلى  فرض شروطه، وأن عامل الوقت وقرب انتهاء الولاية لا تعني أبداً ضعفاً أو استضعافاً للرئيس.

وضع النقاط على الحروف

لقد وضع الرئيس عون وفي خطاب الأول من آب النقاط على الحروف وهو لم يستثن أحداً من تحذيراته ومخاوفه، ولقد قال بصريح العبارة أنه سيغادر القصر فور انتهاء الولاية، وأن مسؤولية انتخاب رئيس جديد تقع حصراً على المجلس النيابي ورئيسه الذين من واجباتهم تهيئة الظروف وانتخاب رئيس يتمتع بكل الشروط والمقومات الوطنية المطلوبة منه. كذلك أعرب الرئيس عن خشيته من أن تنعكس الأجواء السلبية على الانتخابات الرئاسية، كما هو حاصل بالنسبة لتشكيل الحكومة التي لم تتأمن الشروط والمعايير الموحدة لولادتها. من هنا فإن تسهيل ولادة الحكومة تعني وبدون أدنى شك تعبيد الطريق أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية وفي الموعد الذي يحدده الدستور.

تشكيل الحكومة ومن بعدها انتخاب الرئيس

يحاول البعض عبثاً وضع العربة قبل الحصان وذلك لوضع البلد عن قصد أوعن غير قصد امام طريق مسدود ومأزق دستوري، فتشكيل الحكومة هو صمام الأمان لسلامة العملية الدستورية وأنه من واجب رئيس الحكومة أن يسارع إلى السعي الدؤوب لتأليف الحكومة، ليس فقط لوضع خطة النهوض وإجراء الإصلاحات، وإن كانت من واجب المجلس النيابي، بل لتأمين استمرار المؤسسات الدستورية. والسؤال المطروح هل يتمكان رئيس حكومة تصريف الأعمال أن يتحمل مسؤولية الفراغ في حال تعذر أو تأجل انتخاب رئيس لسبب أو لآخر؟

لقد بات لزاماً على المعنيين الذين يطالبون ليل نهار بتطبيق الدستور وإجراء الاستحقاقات في مواعيدها لا سيما الاستحقاق الرئاسي، أن يصبوا جهودهم في سبيل تأليف حكومة كاملة المواصفات تتولى مهام السلطة التنفيذية، وتسهر على سلامة الوطن ومصالحه في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ لبنان.

إنه من غير المقبول أن يستقيل الرئيس المكلف من مهمة التأليف، فالوقت لم يزل سانحاً لاجتراح الحلول وانتهاز الفرص المتمثلة في إمكانية استفادة لبنان من حقوقه وثرواته الغازية والنفطية، سيما بوجود رئيس قوي سيعمل على ممارسة صلاحياته ودوره حتى ربع الساعة الأخير.

كاتب سياسي*