دخل دونالد ترامب التاريخ مرة أخرى، وهذه المرة كأول رئيس يتم عزله مرتين.





إجراءات عزل ترامب: مجلس النواب يصوت لصالح قرار اتهام الرئيس الأمريكي

13 يناير/ كانون الثاني 2021،

صوت مجلس النواب الأمريكي لصالح قرار اتهام الرئيس، دونالد ترامب، بـ"تحريض" أنصاره في أعمال الشغب التي شهدها مبنى الكابيتول - مقر البرلمان - الأسبوع الماضي.

وانضم عشرة نواب من الجمهوريين إلى الديمقراطيين في التصويت لصالح القرار، الذي جاء بنتيجة 232 صوتا مقابل 197.

وبهذا، أصبح ترامب أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يُعزل مرتين أو يتهمه البرلمان (الكونغرس) بارتكاب جرائم.

وسيواجه الرئيس الجمهوري الآن محاكمة في مجلس الشيوخ. وإذا أُدين قد يُمنع من تولي المنصب مرة أخرى.

لكنه لن يضطر إلى ترك البيت الأبيض قبل انتهاء فترة ولايته خلال أسبوع، إذ أن مجلس الشيوخ لن ينعقد في الوقت المناسب.

وسيغادر ترامب منصبه في 20 يناير/كانون الثاني، بعد هزيمته في الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أمام الديمقراطي جو بايدن.

وصوت مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، بعد عدة ساعات من النقاشات الحامية يوم الأربعاء.

وحذر مكتب التحقيقات الفيدرالي من احتجاجات مسلحة محتملة، مخطط لها في العاصمة واشنطن وجميع عواصم الولايات الأمريكية الخمسين قبيل تنصيب بايدن رئيساً الأسبوع المقبل.

وفي مقطع فيديو نُشر بعد انتهاء التصويت في مجلس النواب، دعا ترامب مناصريه إلى الحفاظ على السلمية، لكنه لم يشر إلى حقيقة أنه تم عزله. وقال بنبرة قاتمة وتصالحية: "لا مكان للعنف والتخريب في بلدنا... لن يؤيد أي مناصر حقيقي لي العنف السياسي".

بماذا اتهم ترامب؟

تعتبر اتهامات العزل سياسية وليست جنائية. ولقد اتهم الكونغرس الرئيس بالتحريض على اقتحام مبنى الكابيتول بخطابه في 6 يناير/كانون الثاني أمام تجمع حاشد لأنصاره خارج البيت الأبيض.

وحث أنصاره حينها على إسماع أصواتهم "سلمياً ووطنياً"، ولكنه حثهم أيضاً على "القتال بقوة" ضد الانتخابات التي قال لهم، من دون تقديم أي إثبات، إنها مزورة.

وبعد تصريحات ترامب، اقتحم أنصاره مبنى الكابيتول، وهو ما أجبر المشرعين على تعليق التصديق على نتائج الانتخابات والاختباء. وأغلقت السلطات المبنى، وتوفي خمسة أشخاص جراء الأحداث.

وذكر قرار المساءلة أنّ ترامب "أصدر مراراً بيانات كاذبة تؤكد أن نتائج الانتخابات الرئاسية كانت مزورة ولا ينبغي قبولها".

ويقول إنه كرر بعد ذلك هذه الادعاءات و"أدلى عن عمد بتصريحات للجمهور شجعت وأدت بعد ذلك إلى أعمال خارجة عن القانون في مبنى الكابيتول"، وهو ما تسبب في أعمال عنف وخسائر في الأرواح.

وأضاف: "لقد عرّض الرئيس ترامب أمن الولايات المتحدة ومؤسساتها الحكومية للخطر الشديد، وهدد سلامة النظام الديمقراطي، وتدخل في الانتقال السلمي للسلطة، وعرّض المساواة بين الفروع الحكومية للخطر".

وصوّت 139 جمهورياً ضد قبول نتيجة انتخابات 2020 وهزيمة ترامب الأسبوع الماضي.

ماذا قال المشرعون خلال المناقشة؟

أدلى المشرعون ببيانات معارضة وأخرى مؤيدة للقرار، وذلك في القاعة ذاتها التي اضطروا قبل أسبوع للاختباء تحت مقاعدها مرتدين أقنعة للوقاية من الغازات أثناء اقتحام المبنى.

وقالت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الديمقراطية، في القاعة إن: "رئيس الولايات المتحدة حرض على هذا التمرد المسلح ضد بلدنا المشترك".

وأضافت: "يجب أن يرحل. إنه خطر واضح وقائم على الأمة التي نحبها جميعاً".

ووصف عضو الكونغرس الديمقراطي، جوليان كاسترو، ترامب بأنه "أخطر رجل شغل المكتب البيضاوي على الإطلاق".

ولم يسع معظم الجمهوريين إلى الدفاع عن ترامب، وجادلوا بدلاً من ذلك بأنّ المساءلة قد التفت على جلسات الاستماع المتعارف عليها، ودعوا الديمقراطيين إلى التخلي عنها حفاظاً على الوحدة الوطنية.

وقال كيفن مكارثي، كبير الجمهوريين في مجلس النواب، إن: "عزل الرئيس في مثل هذا الإطار الزمني القصير سيكون خطأ".

وأضاف: "هذا لا يعني أن الرئيس لم يرتكب أي خطأ. الرئيس يتحمل المسؤولية عن هجوم الأربعاء على الكونغرس من قبل مثيري الشغب الغوغائيين".

أما جيم جوردان، وهو نائب جمهوري من ولاية أوهايو، فاتهم الديمقراطيين بأنهم يبثون الفرقة في البلد من خلال اندفاعهم لتحقيق ثأر سياسي.

وقال جوردان: "الأمر يتعلق بالنيل من رئيس للولايات المتحدة". وأضاف: "كان الأمر دائماً يتعلق بالنيل من الرئيس، بغض النظر عن السبب. إنه هوس".

ومن بين أعضاء حزب الرئيس الذين صوتوا لعزله ليز تشيني، ثالث أكبر الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب.

وقالت ممثلة ولاية وايومنغ، وهي ابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني، عن أعمال الشغب في الكابيتول: "لم يكن هناك خيانة أكبر من ذلك من قبل رئيس".

ترامب يصنع التاريخ مرة أخرى

أنتوني زوركر

مراسل أمريكا الشمالية

دخل دونالد ترامب التاريخ مرة أخرى، وهذه المرة كأول رئيس يتم عزله مرتين.

قبل عام، عارض الحزب الجمهوري هذه الخطوة بشدة. أما هذه المرة، فأيّد عدد قليل من المحافظين هذه الخطوة. إنه انعكاس ليس فقط لخطورة اللحظة، ولكن أيضاً لتراجع تأثير الرئيس في الأيام الأخيرة من إدارته.

وفي إطار نظام المساءلة، يعقد مجلس الشيوخ محاكمة لترامب، يبدو أنها ستمتد الآن إلى الأيام الأولى من رئاسة جو بايدن، وهو ما يخلق تحدياً آخر للرئيس الجديد. كما يضيف ذلك إلى النقاش القائم بالفعل بين الجمهوريين بشأن الاتجاه الذي يمضي فيه حزبهم خلال الأيام المقبلة.

ويسير الحزب في طريق الانقسام في اتجاهين مختلفين للغاية.

يقوم أحد الاتجاهين على الولاء للنوع السياسي الذي يشكله ترامب - والذي أنشأ ائتلافاً جديداً من الناخبين أوصل ترامب والحزب الجمهوري إلى البيت الأبيض والكونغرس في عام 2016، لكنه خسر كليهما في عام 2020.

أما الاتجاه الآخر، فيحمل مستقبلا غير واضح بالنسبة للحزب - لكنه خالٍ من أسلوب ترامب الفريد من حيث الجرأة والخطاب والآراء المثيرة للجدل، والذي يعتقد حتى العديد من الجمهوريين الآن أنه ساهم في أعمال الشغب في الكابيتول الأسبوع الماضي.

ماذا سيحدث لاحقا؟

سينتقل قرار المساءلة إلى مجلس الشيوخ، الذي سيعقد محاكمة لتحديد ما إذا كان الرئيس مذنبا.

وهناك حاجة إلى أغلبية الثلثين لإدانة ترامب في مجلس الشيوخ، وهو ما يعني ضرورة تصويت 17 جمهورياً على الأقل مع الديمقراطيين في الغرفة العليا من البرلمان المنقسمة بالتساوي والمكونة من 100 مقعد.

وأفادت صحيفة نيويورك تايمز يوم الثلاثاء بأن ما يصل إلى 20 من الجمهوريين في مجلس الشيوخ مستعدون لإدانة الرئيس.

وفي حال إدانة مجلس الشيوخ لترامب، يمكن للمشرعين إجراء تصويت آخر لمنعه من الترشح لمنصب انتخابي مرة أخرى - وهو ما أشار إلى أنه يعتزم القيام به في عام 2024.

لكن المحاكمة لن تقام قبل رحيل ترامب عن البيت الأبيض.

فقد قال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل في بيان "بموجب القواعد والإجراءات وسوابق مجلس الشيوخ الحاكمة للمساءلات الرئاسية، فإنه ببساطة لا توجد فرصة لاستكمال مساءلة عادلة أو جادة قبل أن يؤدي الرئيس المنتخب (جو) بايدن اليمين الأسبوع المقبل".

وقال إن الكونغرس سيخدم مصالح الأمة أكثر بالتركيز على تأمين انتقال آمن ومنظم للسلطة لإدارة بايدن المقبلة.

وأشار ماكونيل أيضاً يوم الأربعاء إلى أنه لم يتخذ قراراً نهائياً بشأن تصويته، إذ قال: "أنوي الاستماع إلى الحجج القانونية عند عرضها على مجلس الشيوخ".

ولم يتم الإطاحة بأي رئيس أمريكي من منصبه من خلال المساءلة. وعزل مجلس النواب ترامب في عام 2019 لكن مجلس الشيوخ برأه. وحصل هذا في السابق مع بيل كلينتون في عام 1998 وأندرو جونسون في عام 1868.

العزل: الأساسيات

ما هو العزل؟ العزل هو عندما يتهم رئيس بارتكاب جرائم وهو في منصبه. في هذه الحالة، يُتهم الرئيس ترامب بالتحريض على التمرد من خلال تشجيع أنصاره على اقتحام مبنى الكابيتول.

هل يمكن إقالة ترامب من منصبه؟ الأغلبية البسيطة في مجلس النواب كافية لعزله - ولكن لإقالته من منصبه، يجب إدانته بهذه التهم من قبل مجلس الشيوخ، حيث لا يُضمن تأمين أغلبية الثلثين المطلوبة للإدانة.

إذاً ماذا يعني ذلك؟ هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها عزل ترامب، وعلى الرغم من أن المحاكمة يمكن أن تبدأ بعد انتهاء فترة ولايته، إلا أنّ الإدانة قد تعني منعه من تولي منصب عام مرة أخرى.