روسيا على خط المفاوضات.. اتصالات بين موسكو وباريس لحل أزمة الثنائي الشيعي





روسيا على خط المفاوضات.. اتصالات بين موسكو وباريس لحل أزمة الثنائي الشيعي

19/9/2020

انتهت كل الاجتماعات دون الوصول لحل سريع لملف عقدة الثنائي الشيعي -حزب الله وحركة أمل- بإصرارهما على الحصول على وزارة المال وتسمية الوزراء الشيعة في حكومة أديب، وهذا ما يرفض أديب منحه للثنائي وإصراره على مبدأ المداورة في الوزارات، ما يعني خلطاً جديداً لشكل الحكومة بعد سنوات من حفاظ القوى السياسية على مكتسباتها في الوزارات التي حصلت عليها عقب اتفاق الدوحة الذي عقد في العام 2008.

فرنسا مستمرة للنهاية.. اتصالات روسية وعربية

يرفض الفرنسيون إعلان الهزيمة مبكراً وهذا ما تبديه دوائرهم الدبلوماسية، إذ حسب معلومات حصل عليها عربي بوست، تسعى باريس لإستخراج الحلول من دون التنازل عن شكل الحكومة المرسومة والتي وعد بها ماكرون المجتمع الدولي نتيجة لقاءاته في بيروت مع القوى السياسية.

من جانب آخر تنشط إتصالات عربية تقودها مصر عبر وزير خارجيتها سامح شكري الذي يتواصل بشكل مستمر منذ البارحة 18 سبتمبر/أيلول مع المسؤولين اللبنانيين، ويتحرك سفيرها في بيروت ياسر علوي الذي زار الرئيس سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري واضعاً إمكانات القاهرة في تصرف لبنان لحل الأزمة.

وتؤكد مصادر سياسية أن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني تواصل مع العديد من المسؤولين في بيروت لإيجاد حل للأزمة العالقة، فضلاً على دخول موسكو على خط المفاوضات، بعد تواصل تم أخيراً بين باريس وموسكو وبين الأخيرة وطهران لفصل الساحة اللبنانية عن صراع المحاور والتطورات الدراماتيكية في المنطقة، وبحسب المصدر فإن الدبلوماسية الروسية دخلت على خط المشهد اللبناني للمساهمة في إيجاد حل سريع للأزمة، إذ أبلغت موسكو باريس وطهران عزمها على طرح مبادرة بكون لبنان واستقراره جزءاً من استقرار سوريا.

تراجع أديب في اللحظة الأخيرة

تؤكد مصادر خاصة لعربي بوست أن الرئيس المكلف كان سيقدم اعتذاره عن تشكيل الحكومة، لكن إصرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على إنقاذ مبادرته التي أطلقها دفعت أديب للتمهل وعدم الاعتذار وفتح مجال للنقاش مع القوى السياسية على رأسها حزب الله.

لكن المساعي فشلت حتى الساعة إلا أن الرئيس المكلف لن يتوجه الى الاعتذار كي يعطي وقتاً أكثر للاتصالات ويعطي المبادرة الفرنسية فرصة أخيرة خصوصاً أن الإدارة الفرنسية لا تريد لهذه المبادرة أن تفشل لأنها ستؤثر على صورة باريس في المنطقة وعدم قدرتها على حل الأزمات العالقة..

إيمييه يتابع.. حزب الله لا تراجع

تؤكد مصادر خاصة رفضت الكشف عن اسمها لـ عربي بوست أن مدير المخابرات الخارجية الفرنسية برنار إيمييه وصل بيروت منذ أيام لمتابعة ملف تشكيل الحكومة وتعثر ولادتها واجرى اتصالات مع القيادات اللبنانية، وتشدد المصادر أن إيمييه كان في الإجتماع الذي جمع السفير الفرنسي في لبنان مع وفد من حزب الله برئاسة مسؤول العلاقات الخارجية عمار الموسوي وبحسب المصدر فإن الموسوي أكد للجانب الفرنسي أن الثنائي الشيعي مصر على وزارة المالية وتسمية الوزراء الشيعة في الحكومة، وبحسب المصدر فإن الجانب الفرنسي شرح لوفد حزب الله خطورة المرحلة وتأثير شروط الثنائي الشيعي على تعاطي الدول المنتظرة للمخرجات الفرنسية.

لكن الموسوي أكد للفرنسيين أن حزب الله يشعر أن المبادرة الفرنسية استكمال للأهداف الأمريكية التي تقضي بمحاصرة حزب الله واخراجه من اللعبة السياسية، حاول الجانب الفرنسي القول إن الحل قد يكمن في تولي شيعي لمنصب وزارة المال شريطة أن يكون اختصاصياً ومستقلاً، وأن ذلك قد ينقذ المبادرة الفرنسية وينهي المشكلة.

خرج الموسوي من الاجتماع دون إعطاء جواب بحجة أنه سيتشاور مع حركة أمل في العرض، وطلب إيمييه من الموسوي أن يسهل الحزب ذلك وأن يضغط على حليفه بالقبول بالعرض وأكد إيمييه أن أديب سيتصل بقيادة حزب الله وقيادة حركة أمل لعقد لقاء تشاوري معهم لتذليل العقبات.

ويؤكد المصدر أن أديب التقى المعاون السياسي لنصر الله الحاج حسين الخليل والوزير السابق علي حسن خليل وامتد الاجتماع حتى وقت متأخر، حاول أديب خلاله إقناع وفد الثنائي أنه حريص على عدم المس بجوهر التركيبة اللبنانية وأن معظم الطوائف قبلت بمبدأ المداورة وأن الكتل ستسهل في حال سهل الثنائي الشيعي عملية ولادة الحكومة، لكن الخليلين وبحسب المصدر أكدا على تمسكهما بوزارة المال وقد يسهلان من ناحية التخلي عن تسمية الوزراء الشيعة والحصول على ثلث الحكومة.

رفض أديب الطرح وأكد على أنه غير قابل للتراجع وأن أقصى ما يمكن أن يقدمه هو في تولي شيعي اختصاصي مستقل للوزارة بالإتفاق مع رئيس البرلمان نبيه بري، لكن وبحسب المصدر فإن الرجلين خرجا من اجتماعهما مع أديب دون اتفاق، ويؤكد المصدر أن حزب الله حسم أي إمكانية للحل من خلال بيانه الصادر عقب اجتماع كتلته من خلال هجومه على أديب واعتبار أنه يستقوي بالخارج لتشكيل حكومته.

اتصالات مع الحريري.. الحسم سيد الموقف

أتى جواب رؤوساء الحكومات السابقين -سعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة- برفض أي تنازل للثنائي الشيعي على حساب مبدأ المحاصصة، ويشدد المصدر أنه لا يمكن القبول بهذا التنازل، لأن المدخل إلى الإصلاح يجب أن يكون انطلاقاً من تكريس المداورة، والتي إذا سقطت في إحدى الوزارات ستسقط في غيرها.

ويؤكد مصدر خاص أن المعاون السياسي لنصرالله حسين الخليل أجرى اتصالات بكل من سعد الحريري ونجيب ميقاتي ومصطفى أديب، فوجّه لهم كلاماً حازماً وحاسماً، متضمناً رسالة قاسية: لا فرنسا ولا ماكرون ولا غيرهما يستطيعون كسر حزب الله في لبنان. وحصل تواصل بين حزب الله ورئيس الجمهورية ميشال عون فطلب حزب الله من رئيس الجمهورية عدم التوقيع على أي تشكيلة قد يقدمها أديب ولا تراعي شروط التوافق على تسمية الوزراء وتحديداً الشيعة.

ويؤكد المصدر أن مواقف الثنائي الشيعي وحزب الله تحديداً دفع الحريري باتجاه إقناع أديب بالاعتذار وترك المهمة وتحميل المسؤولية للمعرقلين، لكن أديب تريث نتيجة التواصل الفرنسي معه والطلب منه التريث حتى تقطع باريس الأمل نهائياً من نجاح مبادرتها.

اللقاء مع بري مؤجل وباسيل يريد المشاركة

ويسعى الرئيس المكلف لترتيب لقاء مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وطلب ذلك من وفد الثنائي الذي التقاه في الأيام الماضية، لكن وبحسب المصادر فإن بري لم يحدد موعداً لأديب تحت عنوان أن لا جديد في جعبته وخاصة أنه لا يريد التفاوض في ملف وزارة المال.

من جهة أخرى فإن باسيل وفي حال رضح أديب لمطالب الثنائي الشيعي فإنه وتحت شعار الحفاظ على التمثيل المسيحي في الحكومة سيطالب أديب بتسمية وزراء مسيحيين في حكومات، أبرزها الطاقة والخارجية لأنه وبحسب باسيل فإن مبدأ المحاصصة، ستسقط في حال حصل الثنائي الشيعي على وزارة المال.

حزب الله يوضح.. هذه أسبابي

حزب الله يعتبر أنّ أسباباً عديدة أوصلت المبادرة الفرنسية إلى مأزق أولها الفريق الذي استغل هذه المبادرة ومعها العقوبات الاميركية لتحقيق انقلاب سياسي في البلد ليخرج من خلاله حزب الله من الحكومة محققاً بذلك الهدف الأمريكي – الإسرائيلي.

ثانياً أن العقوبات الأميركية والتي تستمر لهذه اللحظة تهدف لزعزعة المبادرة وضربها بسبب الانحياز الأمريكي لأنقرة في صراع المتوسط، ومحاولة استغلال الظروف المالية والاقتصادية للقول إن من تسبب بهذه السياسات هو الثنائي الشيعي، وأن حزب الله ارتاب من اصرار الفريق المشكل للحكومة على سحب حقيبة المالية من الثنائي وتشكيل الحكومة بمفرده، وعلى تسمية الوزراء الشيعة ومن الاختصاصيين دون حتى التشاور معه.

وتضاعف قلق حزب الله يوم زار الحريري رئيس مجلس النواب نبيه بري ليبلغه أن وزارة المال لن تكون من حصة الشيعة، وحين رفض بري قال له الحريري سيتحدث إليك ماكرون، وفيما يبدو أن الحزب مصر على أن ما حصل يقارب الانقلاب على موازين القوى السياسية في البلد، ومحاولة عزل مكون سياسي وإخراجه من السلطة السياسية حالياً خدمة لمشاريع أخرى.