استذكار زاسبيكين... والفوضى المقصودة





استذكار زاسبيكين... والفوضى المقصودة

16 تشرين الثاني 2019 -

غاصب مختار

في قراءة لمسؤول حزبي امام كوادره عن الوضع الحالي، طلب العودة الى حديث صحافي للسفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبيكين قبل اسبوع بالتمام من بدء الحراك الشعبي (صحيفة الاخبار يوم الأربعاء 9 تشرين الأول)، قال فيه: "ان الاميركيين يُعِدّون لفوضى في لبنان تحت عناوين اقتصادية". ووصف زاسبيكين أزمة العملة الأجنبية والشروط السياسية والاقتصادية على البلاد، بـ"الخطّة الأميركية لإحداث الفوضى في لبنان. والفوضى، كما يريدها الأميركيون، هدفها ضرب حزب الله في لبنان ومِن خلفه خصوم أميركا في المنطقة. وهم يهدفون في خطّتهم التوصل إلى انهيار الوضع الاقتصادي، وحصول غليان شعبي، يهدد استقرار لبنان في حربهم لتطويع خصوم أميركا، بدل الحفاظ على هذا البلد وحمايته"، متوقعا "ألا يغامر الأميركيون إلى هذا الحدّ، وسيحاولون إبقاء البلاد تحت الضغط والأزمة، والثبات على شفير الانفجار".

هذا الكلام الحرفي للسفير الروسي جاء في سياق تحليل واسع لمجمل اوضاع المنطقة ومنها لبنان في خضم الصراع الاميركي- الايراني القائم. وقد دلت بعض الوقائع السياسية والميدانية والنقدية على الارض ومعلومات بعض القوى السياسية الفاعلة، على وجود مؤشرات سياسية في بعض مفاصل الحراك الشعبي، الذي بدأ مطلبيا ومُحقّا، ثم تحول في جزء منه وبسحر ساحر معروف الى حِراك سياسي واضح بشعارات وأهداف واضحة، وجرى استغلال الشعارات المطلبية الاصلاحية للناس للوصول الى اهداف سياسية، ليس اقلها تغيير موازين القوى الداخلية عبر استقالة الحكومة والمطالبة بقانون انتخابي جديد وانتخابات نيابية جديدة، علّها تعيد التركيبة السابقة والتوازنات في مراكز القوى الى ما كانت عليه.

وبغض النظر عما حذّر منه السفير الروسي، فإن استهداف العهد وحلفائه ولاسيما "حزب الله"، يشير الى ان مشروع الفوضى السياسية والاقتصادية لا زال قائماً، وان محاولات ايجاد مخارج للوضع الحكومي لا زالت تصطدم بعراقيل، بعضها مفتعل وبعضها موجود بحكم الخلاف والانقسام السياسي بين التركيبة الحاكمة نفسها وبينها وبين الناس.

ولعل ما أُعلِن عن توافق سياسي على تسمية النائب والوزير الاسبق محمد الصفدي لترؤس حكومة تكنو- سياسية، لا ينم فعلا عن نيّة جدية لإيجاد حل يرضي الشارع اولاً قبل ان يرضي كل الاطراف السياسية او أغلبها. ذلك ان الشارع سبق وأعلن باعتصامه امام مرافق عامة وخاصة ومنها "زيتونة باي" عن رفضه عودة الوجوه المتهمة بالمسؤولية عما وصلت اليه البلاد، إلاّ اذا كان طرح اسم الصفدي هدفه إما حرق اسمه لاستبعاده من المنافسة، وإما ترقب رد فعل رافض في الشارع بما يؤدي الى تسعير الحراك الشعبي اكثر وبالتالي إسقاط الحكومة الجديدة، ما يعني ان لا توجه حقيقيا لمعالجة الازمة بل ربما هناك توجه من قبل بعض اركان السلطة الحالية وبعض الجهات العاملة على توتير الاوضاع لتسعيرها سياسيا على امل تغيير موازين القوى، بحيث تبقى الفوضى اللبنانية على حالها تبعاً لما توقعه السفير الروسي من "ثبات لبنان على شفير الانفجار".

تأكيداً على ذلك، غرد النائب جميل السيد امس قائلا: "أميركا تستغل الإنتفاضة ضد المقاومة". وقال نائب في "تكتل لبنان القوي" لموقعنا : تكشّف المشروع بعدما اصبح قطع الطرقات يتم بقرار سياسي. فهل كل هذا صحيح؟