الثامن عشر من نوفمبر 2014

العيد الوطني الرابع والاربعون لسلطنة عمان




الثامن عشر من نوفمبر 2014

العيد الوطني الرابع والاربعون لسلطنة عمان

تحظى سلطنة عمان بمكانة دولية مرموقة وسمعة حميدة في كافة ارجاء المعمورة، نظراً لمواقف قيادتها الحكيمة بقيادة جلالة السلطان قابوس، ودوره المميز والهاديء في مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وكان آخرها المساعي الخيرة التي تكللت بالنجاح في إطار المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، من اجل إحلال السلام والأمن والاستقرار في الشرق الاوسط والعالم.

في الثامن عشر من نوفمبر من كل عام يحتفل العمانيون بعيدهم الوطني معيدين الى الاذهان ذكرى ميلاد النهضة العمانية التي انطلقت بعمان قبل اربعة واربعين عاما الى آفاق التقدم والازدهار ، والانفتاح على محيطها الاقليمي والدولي تمد يد الصداقة والسلام الى مختلف دول العالم بمرتكزات سياسية تستمد ثوابتها من هويتها العمانية الهادئة وثقافتها المنبثقة من ارثها الاسلامي وقيمها العربية الاصيلة الضاربة جذورها في اعماق الحضارة الانسانية، مهتدية بالرؤية والدعائم التي ارساها السلطان قابوس فكان وهو يرسم خطط البناء والتعمير، حريصا أن يسابق الزمن ليعوض شعبه ما فاته، ويعيد له كرامته ومكانته، فانطلقت مسيرة النهضة العُمانية غير منغلقة أو محكومة باطار ومنهج معين، بل كانت مزيجا من الأصالة والمعاصرة، تأخذ من الآخر ما يصلح لها وتترك ما يتناقض مع مبادئها وأسسها، وكان الإنسان العُماني هو المحرك الأول لهذه النهضة بما يمثله من قيم وسلوكيات، زاده في ذلك ومثله الأعلى قائده وباني مسيرته السلطان قابوس بن سعيد ، الذي امتلك رؤية واضحة لما يتمناه لعُمان، الوطن والشعب، الدولة والمجتمع، وتحمل مسؤولية إحياء حضارة الإنسان العُماني واستعادة أمجاده وربطه رباطًا وثيقًا بالأرض ليشعر بعمق الوطنية ومدى التجاذب بينه وبين أرضه الطيبة.

 

السياسة الخارجية :

استقت السياسة الخارجية العُمانية أصولها ومنابعها من النهج العقلاني الذي ينتهجه السلطان قابوس في نظرته إلى الأمور وتقييمها بحكمة وموضوعية بعيدًا عن الإنفعال أو الإستعجال إزاء ما يستجد أو يستفحل من الأحداث السياسية سواء كان الحدث محليًا أو عربيًا أو على المستوى العالمي.

وفي تعبير عميق عن مبادئ وأسس السياسة الداخلية للسلطنة، وسياستها الخارجية، أشار السلطان قابوس في كلمته خلال ترؤسه الانعقاد السنوي للفترة الخامسة لمجلس عُمان لعام 2012م: «إن سياستنا الداخلية كما عهدتموها دائما قائمة على العمل البناء لما فيه الصالح العام مواكبين تطورات العصر مع المحافظة على هويتنا وثوابتنا وقيمنا التي نعتز بها. أما سياستنا الخارجة فأساسها الدعوة إلى السلام والوئام والتعاون الوثيق بين سائر الأمم والالتزام بمبادىء الحق والعدل والإنصاف وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير وفض المنازعات بالطرق السلمية وبما يحفظ للبشرية جمعاء أمنها واستقرارها ورخاءها وازدهارها».

وبهذه الرؤية الواضحة والعميقة أسست السلطنة علاقاتها مع الأشقاء والأصدقاء، كدولة سلام تسعى دومًا إلى حل الخلافات بالحوار الإيجابي وبالطرق السلمية، وإلى بذل كل ما تستطيع من أجل تعزيز السلام والأمن والاستقرار في محيطها، ولأنها كسبت صداقة وثقة وتقدير الأخرين كقيادة ودولة، فإن جهودها الخيرة ومساعيها كثيرًا ما نجحت في تقريب المواقف وتجاوز الخلافات بين الأشقاء والأصدقاء في المنطقة وخارجها، وهو ما أكسب السلطنة مزيدًا من التقدير على كافة المستويات.

و استطاعت السلطنة خلال السنوات الماضية بناء علاقات وثيقة ومتطورة مع الدول والشعوب الأخرى وتمكنت بما اتسمت به من هدوء وصراحة ووضوح في التعامل مع الأخرين من طرح مواقفها والتعبير عنها بثقة تامة بالنفس, مع الحرص على بذل كل ماهو ممكن لدعم أي تحركات خيرة في إتجاه تحقيق الأمن والاستقرار والطمأنينة, والحد من التوتر إقليميًا ودوليًا,

خليجياً

فعلي الصعيد الخليجي وانطلاقًا من إيمان عميق بأهمية وضرورة تعزيز التعاون والتكامل مع الدول الشقيقة اضطلعت السلطنة على امتداد السنوات الماضية، ولا تزال، بدور ايجابي نشط لتفعيل وتطوير التعاون والتكامل بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، منذ ما قبل انشاء المجلس وبعد انشائه، وتسعى جاهدة من أجل تفعيل وتطوير أداء مجلس التعاون ليتجاوب مع تطلعات دول وشعوب المجلس، وما تفرضه مصالحها المشتركة والمتبادلة من ناحية، وبما يحقق المواطنة الخليجية بشكل عملي، ويهيئ لمزيد من التعاون والتنسيق بين دول المجلس والجمهورية اليمنية الشقيقة من ناحية ثانية، وكذلك بين دول المجلس والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعلى نحو يعزز الاستقرار والطمأنينة والازدهار لكل دول وشعوب المنطقة.

وحرص  السلطان قابوس بن سعيد دومًا على الالتقاء بأخوانه واشقائه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس للتشاور في كل ما يخدم شعوب المنطقة.

عربياً

وتحظى سياسات السلطنة ومواقفها على الصعيد العربي بتقدير واسع نظرًا للإسهام الإيجابي والمتزايد الذي تقوم به السلطنة تجاه مختلف القضايا العربية، وكذلك في تطوير علاقاتها الثنائية مع كافة الدول العربية، وبما يخدم الأهداف والمصالح المشتركة والمتبادلة لها جميعا.

وتنطلق السلطنة في جهودها ومساعيها الخيرة من إيمان عميق بأهمية وضرورة تعزيز العمل العربي المشترك وتوسيع نطاق التعاون بين الأشقاء واستثمار الإمكانات المتاحة لتحقيق حياة أفضل للشعوب العربية كافة.

وتؤيد السلطنة باستمرار جهود تطوير جامعة الدول العربية وآليات عملها وأجهزتها المختلفة، ومؤسسات العمل العربي المشترك بشكل عام بما يستجيب لتطلعات الشعوب العربية في تحقيق نهضة عربية شاملة في مختلف المجالات، وفي شأن عملية السلام في الشرق الأوسط, فإن السلطنة تدعم الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية دائمة وشاملة وعادلة تحقق السلام وتكفل التعايش السلمي بين الدول العربية واسرائيل, وتنهي الاحتلال للأراضي العربية الأخرى المحتلة في سوريا ولبنان.

وتأكيدا لانتمائها العربي، تحرص السلطنة بصورة دائمة على المشاركة في القمم العربية ولا تدخر وسعًا في بذل جهودها الخيّرة لرأب الصدع في العلاقات العربية، إيمانا منها بأهمية هذا الدور في دعم العلاقات العربية وتقويتها، بما يخدم الأهداف والمصالح العربية المشتركة، ويجسد التلاحم العربي .

دولياً

لم يقتصر الاهتمام والإسهام العُماني الإيجابي والنشط على ما يتصل بالقضايا الخليجية والعربية، ولكنه أمتد أيضا إلى الإطار الدولي الأوسع عبر أفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا و(المنظمات الدولية والاقليمية التي تشارك السلطنة في عضويتها). وذلك إنطلاقًا من إدراكها العميق لأهمية الترابط الوثيق بين دول العالم وشعوبها والتعاون فيما بينها، ومن أن السلام والأمن والاستقرار في المنطقة يتأثر بما يجري في مناطق أخرى في العالم.

وفي الوقت الذي تدعم فيه السلطنة أنشطة الأمم المتحدة وهيئاتها ومختلف المنظمات المتخصصة التابعة لها، ومنها على سبيل المثال منظمة اليونسكو، ومنظمة العمل الدولية، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وغيرها، وذلك تعزيزًا للسلام والتفاهم، ودعمًا لجسور الحوار بين الشعوب والحضارات على امتداد العالم، فإن السلطنة تسعى دومًا إلى تطوير وتعميق علاقاتها الطيبة مع مختلف الدول الصديقة بامتداد العالم من حولها على المستوى الثنائي.

فعلى الصعيد الآسيوي، اتسمت العلاقات العُمانية الآسيوية بالديناميكة والنشاط المتزايد في العديد من المجالات ومع العديد من الدول الآسيوية أيضًا تحقيقا للمصالح المشتركة والمتبادلة خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية التي تستند كلها إلى علاقات سياسية قوية وراسخة.

الشورى :

تدخل مسيرة النهضة العُمانية الحديثة عامها الرابع والأربعين، وقد تمكنت السلطنة بالقيادة الحكيمة

والاستشراف الواعي القويم للمستقبل أن تهيء للإنسان العُماني كل سبل ومقومات التقدم والنجاح والارتقاء بالذات، وشرعت عجلة النهضة في تنمية وبناء وتأهيل الإنسان ليكون شريكًا حقيقيًا للحكومة في عملية التنمية والرقي.

ولأجل أن يؤدي المواطن دوره من منطلق ما تقتضيه هذه الشراكة، أُقيمت المؤسسات التي تتيح له أن ينهض بدوره في خدمة وطنه وتطور مجتمعه، حيث كان إنشاء مجلس عُمان بمجلسيه الدولة والشورى علامة أخرى ومفصلاً من مفاصل التاريخ تبرهن أن من جاء من أجل الوطن والمواطن، ومن يحرص على الإلتقاء بشعبه في محافظاتهم وقراهم، لن يحيد عن وعده بتطوير منظومة الشورى العُمانية.

وإذا كانت الصلاحيات التشريعية والرقابية التي منحت لمجلس عُمان وفق المرسوم السلطاني رقم (39 /2011) الصادر في 12 مارس 2011م، قد جعلته أكثر قدرة على التعبير عن تطلعات المواطنين، واتاحة الفرصة أمامهم لمشاركة أوسع وأعمق في عملية صنع القرار، فإن تجربة المجالس البلدية شكلت في الواقع خطوة أخرى مهمة وذات دلالة على صعيد دعم الممارسة الديمقراطية وتوسيع نطاق مشاركة المواطنين في خدمة مجتمعاتهم المحلية وتعزيز نهج الشورى العُمانية وهو ما ترافق أيضا مع خطوات عدة لتعزيز استقلال القضاء والإدعاء العام.

التسامح :

كفلت السلطنة الحرية الدينية والفكرية للمواطن والمقيم على حد سواء باعتباره حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان لا يمكن مصادرته، إذ من حق كل إنسان أن يمارس شعائره وطقوسه الدينية بكل حرية طالما لا يضر غيره.

و تقوم السلطنة بجهود ملموسة لتعميق مفهوم التعايش والتسامح الذي بات عالمنا اليوم في حاجة ماسة إليه أكثر من أي وقت مضى، ومن أجل ذلك سعت إلى ترسيخ مبادئ إحترام الحريات الدينية، وقد ظهر ذلك جليًا من خلال العديد من الجهود الحثيثة، التي قامت بها السلطنة والتي تهدف إلى زيادة التواصل مع الآخر، فكان تأسيسها لمراكز الحوار مع الديانات والمذاهب المختلفة، وإنشاء الكراسي العلمية في الجامعات الدولية التي تنشر المفهوم الحقيقي للدين الإسلامي كونه دينا يدعو للسلام والتعايش السلمي.

وحرصت السلطنة على إقامة معرض متنقل يجوب دول العالم لينقل تجربتها في التسامح الديني والتعايش السلمي الذي يتمتع به شعبها ، كما أقامت العديد من الندوات والمؤتمرات المعنية بنشر مبادئ التسامح.

وقد أشاد التقرير السنوي الذي تصدره الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية لعام 2013م، بمستوى التسامح الديني الموجود في السلطنة تجاه الأديان والطوائف المختلفة الموجودة في البلاد، وجاء هذا التقرير تأكيدًا لما في تقارير السنوات الماضية حول نفس المضمون، مما يؤكد بأن النهج العماني حول قضية التسامح هو نهج ثابت ولا يتغير بتغير السنوات، لأنه ينبع من الروح العمانية التي ترفض التعصب الديني والطائفي لأسباب متعددة.

السلطان قابوس

جدير بالذكر أن السلطان قابوس أكد في افتتاح الفترة الخامسة لمجلس عُمان، في 31/10/2011م، على «إن الفكر متى ما كان متعددًا ومنفتحًا لا يشوبه التعصب كان أقدر على أن يكون الأرضية الصحيحة والسليمة لبناء الأجيال ورقي الأوطان وتقدم المجتمعات».

وفي هذا الإطار أقيمت خلال الفترة من 6 إلى 9 أبريل 2014م، "ندوة تطور العلوم الفقهية"، في نسختها الثالثة عشرة تحت عنوان (الفقه الإسلامي المشترك الإنساني والمصالح)، وتناولت الندوة التي استضافت أكثر من مائة عالمًا ومفكرًا وباحثًا، عددًا من مفاهيم الإشتراك في الحياة بين المسلمين أنفسهم ومع غيرهم، في الوطن الواحد والعالم من خلال الدراسات الفقهية المعمقة والإجتماعية المكتسبة والتربوية النظرية والآراء المذهبية المقارنة، الشورى العُمانية.. صلاحيات واسعة وشراكة في البناء والتنمية .

وفي إطار حرص السلطنة على ترسيخ الفهم الصحيح والمعتدل للدين الاسلامي الحنيف، بعيداً عن التزمت الذي أدى إلى انتشار صور نمطية غير صحيحة للإسلام والمسلمين، وتوسيع نطاق التواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب، جاءت سلسلة المعارض الخارجية لتوضح صورة الإسلام وإبراز تجربة التعايش والتسامح الديني في عُمان.

ومنذ إنطلاقتها في أبريل 2011م وحتى يوليو 2014م، جابت معارض (رسالة الإسلام) ثمانية وأربعون محطة، في مختلف قارات العالم، بلغ عدد زوارها ما يزيد عن (أربعة ملايين ونصف المليون زائر(.

وقد جاءت محطات المعرض الأخيرة التي أقيمت في عدة مدن برازيلية تزامنًا مع المشهد الكروي العالمي هناك بإقامة نهائيات كأس العالم، حاملة معها نفحات الرسالة النبيلة للتسامح، وليؤكد المعرض على أهمية تعانق الأيادي في سبيل نيل السلام العالمي، ودعم التعايش البناء، كي يقطف الجميع ثمار ذلك في تنمية شاملة عادلة.

ثقافة التسامح في العالم

وقد دشن  معرض (رسالة الإسلام) في محطاته في البرازيل في يونيو 2014م، عدة مشاريع تهدف إلى نشر ثقافة التسامح في العالم، من بينها  مشروع (فن الظلال) والذي يقدم للجمهور قيمًا روحية بالدمج بين عدد من الفنون، كفن الخط العربي والزخرفة وعامل الضوء، إذ تشكل في مجموعها لوحة فنية معبرة، وقدم المشروع أربع لوحات مستمدة من الدعاء والسلام.

كما تم تدشين مشروع (رسائل عالمية) وهو حملة إعلامية عالمية تهدف إلى نشر ثقافة التعايش والسلام والتسامح والوئام، عبر نشر بطاقات تعبر عن هذه القيم في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية بمختلف اللغات، وتم إطلاق حملة (أفعل شيئا من أجل التسامح) (Act For Tolerance) بما فيها المسابقة العالمية لجمع أكبر عدد ممكن من المشاركات في هذا الإطار تعزيزا لنشر ثقافة التعايش بين قطاعات الشباب والفتيات في كل دول العالم.

وإلى جانب كراسي السلطان قابوس العلمية في عدد من أشهر الجامعات الأمريكية والأوروبية والأسيوية والأسترالية التي تقوم بدور حيوي ومفيد في دراسة الحضارة العربية والإسلامية وتعميق أسس ومجالات الحوار بين الأديان، هناك العديد من المراكز والمؤسسات الثقافية التي أقامتها السلطنة أو ساندت ودعمت إنشائها في مناطق مختلفة من العالم تساهم في تحقيق مزيد من التقارب بين الشعوب والثقافات.

التربية والتعليم :

حرصت السلطنة على الاهتمام بالتعليم وتوفير مختلف المهارات والمعارف للاسهام في بناء الكوادر البشرية المؤهلة التي تلبي احتياجات مسيرة التنمية في البلاد حاضرًا ومستقبلا، حيث أولت الخطة الدراسية للتعليم الأساسي وما بعد الأساسي اهتمامًا أكبر من ذي قبل للمواد العلمية والرياضيات وتدريس اللغات، واستحدثت مواد دراسية جديدة لمواكبة المستجدات على صعيدي تكنولوجيا المعلومات واحتياجات سوق العمل من المهارات المهنية.

وقد بلغ عدد طلاب المدارس الحكومية للعام الدراسي 2013/2014م، (523818) طالبا وطالبة منهم (266353) من الذكور، و(257465) من الإناث، فيما بلغ عدد المدارس الحكومية في جميع المحافظات (1045) مدرسة، وبلغ عدد المعلمين (54610) معلمًا ومعلمة، وبلغ عدد العاملين في الهيئة الإدارية بالمدارس (11480) عاملاً وعاملة، وفي الوظائف الإشرافية هناك (2379) مشرفًا ومشرفة.

التعليم العالي

يمثل التعليم العالي وتوفر مراكز البحوث والدراسات العلمية والثقافية المعيار الأول لقياس مدى تقدم البلدان والمجتمعات، وعامل أساسي لرسم استراتيجيات بناء الإنسان والمكان، ومن هذا المنطلق كان التعليم العالي وما يزال من الأبجديات التأسيسية لخطاب النهضة العُمانية المعاصرة، وقد تمثل ذلك الاهتمام بإنشاء العديد من مؤسسات التعليم العالي في مختلف المجالات الفنية، والصحية، والمصرفية، والتربوية، ومجال القضاء، والوعظ والإرشاد وغيرها، وذلك لتلبية احتياجات قطاعات العمل المختلفة من الكوادر البشرية العُمانية المؤهلة، هذا إضافة إلى برامج الابتعاث الخارجي، حيث تشهد هذه البعثات تحديثات مستمرة سواء فيما يخص بلدان الابتعاث أو مجالات الدراسة وفقًا للأولويات والمتطلبات.

وقد حققت سلطنة عمان وبتوجيهات السلطان قابوس  بزيادة الاستيعاب في التعليم العالي وتوفير (1500) بعثة دراسية خارجية، و(7000) بعثة دراسية داخلية قفزة في خطة رفع الاستيعاب في التعليم العالي، وإتاحت الفرصة لعدد أكبر من مخرجات دبلوم التعليم العام للإنخراط في الدراسة الأكاديمية، مقلصًا بذلك أعداد الباحثين عن عمل من هذه الفئة.

وقد بلغت البعثات الدراسية الداخلية أكثر من (9708) بعثة سنويًا أتاحت للطلبة الحاصلين عليها الدراسة لمرحلة البكالوريوس في مختلف التخصصات والبرامج المطروحة، فيما وصل عدد البعثات الدراسية الخارجية إلى أكثر من (3143) بعثة موزعة على مختلف الدول العربية والأجنبية.

الموارد الصحية في المرتبة الاولى عالمياً

احتلت السلطنة المرتبة الاولى عالميا في الاستعمال الفعال للموارد الصحية مما يؤكد سعيها نحو توفير الخدمات والرعاية الصحية للمواطن أينما كان على هذه الأرض وعلى امتداد حياته أيضا وبمستوى كفاءة يضارع أفضل المستويات، وأدى التخطيط السليم والمتواصل الذي تنتهجه السلطنة من خلال خطط التنمية الصحية والتي تنفذ تباعا كل خمس سنوات بدءًا من عام 1976م، إلى دعم النظام الصحي من خلال توفير البرامج والخدمات الصحية التي أسهمت في رفع المستوى الصحي العام للسكان.

ويعد عام 2014م العام الرابع لتنفيذ الخطة الخمسية الثامنة للتنمية الصحية (2011م ــ 2015م)، والتي تمثل استمرارًا لأسلوب جديد في التخطيط المتبع منذ الخطة الخمسية السابعة وهو منهجية "التخطيط الإستراتيجي"، الأمر الذي أدى إلى توفير الرؤية الواضحة والتوجه السليم من أجل تحديد ومعالجة المشكلات والاحتياجات ذات الأولوية.

تأهيل الكوادر الوطنية

وشهد هذا العام 2014م، العمل باللائحة الطبية الجديدة التي يؤمل أن تسهم في استقطاب الكفاءات الطبية المتخصصة، وتأهيل الكوادر الوطنية من شاغلي هذه التخصصات، باعتبار أن التخصصات الطبية أصبحت في وضع يصعب الحصول عليها في ظل التنافس العالمي عليها.

وتأتي خطة «النظرة المستقبلية للنظام الصحي 2050»، وهي خطوة طويلة الأمد، وتتضمن توفير 60 مؤسسة صحية هي حاليًا قيد الإنشاء منها 15 مستشفى و45 مركزًا صحيًا، لتمثل مرحلة انتقالية بالنظام الصحي ليواكب التطور الطبي والتقني في النظام الصحي على مستوى العالم.

وتتكون منظومة الرعاية الصحية من ثلاثة مستويات متكاملة هي: الرعاية الصحية الأولية الفعالة وعالية الجودة التي تقدمها المراكز والمجمعات الصحية والمستشفيات المحلية التي تغطي كافة محافظات وولايات السلطنة، ثم المستوى الثاني وهو الرعاية الصحية الثانوية التي تقدمها المستشفيات المرجعية الموجودة في كل محافظات السلطنة ومستشفيات الولايات الموجودة في بعض الولايات الرئيسية التي تقدم رعاية طبية للمشاكل الصحية التخصصية، وتوفر رعاية أكثر مهارة وتخصصًا، ثم المستوى الثالث وهو الرعاية الصحية التخصصية عالية التقنية، والتي توفرها المستشفيات الكبيرة في معظم المحافظات وهي المستشفى السلطاني ومستشفى خولة ومستشفى النهضة، وهي جميعها مستشفيات ذات طبيعة شاملة تعمل كمستشفيات مرجعية لكافة أنحاء السلطنة. ويعد مستشفى المسرة بمحافظة مسقط مستشفى تخصصيًا على المستوى الثالث للأمراض النفسية والعصبية.

الرعاية الاجتماعية في صلب اهتمامات الحكومة العمانية

تمثل الرعاية الاجتماعية للمواطن العُماني صلب اهتمامات الحكومة العمانية ، ويعكس مشهد التنمية الاجتماعية في السلطنة، الخطوات المتقدمة التي تمت في هذا السياق، والتي تستهدف تحقيق الرخاء والاستقرار وتحسين نوعية الحياة للمواطن باعتباره الوسيلة والغاية لمجمل عمليات التنمية.

وقد شهدت الخدمات الاجتماعية تنوعًا واسعًا على المستويين النوعي والكمي، من خلال مجموعة من البرامج التي تهدف إلى مساعدة فئات معينة من المواطنين ممن يتعرضون لظروف اجتماعية ومعيشية تجعلهم أقل قدرة على التحمل والتكيفّ مع هذه الظروف الحياتية مثل: (الأطفال، والمسنين، والأشخاص ذوي الإعاقة)، وتحتم تقديم الدعم والمساندة لهم ليتمكنوا من العيش الكريم.

وقد تعددت ألوان الرعاية والاهتمام وتشعبت بحيث لم تكن قاصرة على توفير معينات أو مسلتزمات أو صرف رواتب الضمان الاجتماعي، بل شملت البحث لهم عن فرص عمل سواء كان في القطاع الخاص أو القطاع العام، من خلال تحديد نسبة معينة لهم لشغل الوظائف المتاحة في القطاعين حسب المؤهلات الدراسية والخبرة العملية وحسب نوع الإعاقة لذوى الاحتياجات الخاصة.

اكبر موازنة في تاريخ السلطنة

استهلت السلطنة عام 2014م بإعلان أكبر موازنة في تاريخها يبلغ حجم الإنفاق فيها حوالي (13.5) مليار ريال عماني، مركزة على زيادة الإنفاق الإنمائي والاستثماري بما يتناسب مع الأهداف المعتمدة في الخطة الخمسية الثامنة (2011 – 2015م).

وسعت الموازنة العامة للدولة لعام 2014م إلى تحقيق عدد من الأهداف من أبرزها: دعم استقرار النمو الاقتصادي من خلال زيادة الإنفاق الحكومي، والاستمرار في تطوير ورفع كفاءة الخدمات العامة المقدمة للمواطنين، واستكمال وتطوير البنية الأساسية، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتوفير البيئة الداعمة لنموها، ورفع كفاءة وإنتاجية الجهاز الوظيفي للدولة، ورفع كفاءة استغلال المدخرات المحلية، والاستمرار في تعزيز المدخرات والاحتياطيات المالية، والمحافظة على مستوى آمن للدَّين العام.

وركزت الموازنة أيضاً على  تلبية المتطلبات الاجتماعية في مجالات التعليم والصحة والإسكان والتدريب وغيرها من الخدمات الاجتماعية من خلال تخصيص اعتمادات بمبلغ (9.2) مليار ريال عماني، مقابل (8.7) مليار ريال عماني في موازنة عام 2013م.

الرؤية المستقبلية "عمان 2040م:"

تم تشكيل اللجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية "عُمان 2040م"العام الماضي 2013م ،   بهدف إعداد رؤية جديدة تستفيد من التطورات الاقتصادية والاجتماعية على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي، مع الأخذ في الاعتبار التقييم الذي قامت به الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط للرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني (عمان 2020).

وجاء تشكيل اللجنة في وقت مبكر لإفساح المجال أمامها لصياغة الرؤية المستقبلية الجديدة بإتقان تام ودقة عالية في ضوء توافق مجتمعي واسع، وبمشاركة فئات المجتمع ، وبحيث تكون مستوعبة للواقع الاقتصادي والاجتماعي ومستشرفة للمستقبل بموضوعية، لكي يتم الاعتداد بها كدليل ومرجع أساسي لأعمال التخطيط في العقدين القادمين.

وتتضمن مرتكزات (عمان 2040): تحديد الفرص المتاحة والاستغلال الأمثل للمزايا النسبية لكل قطاع اقتصادي وخاصة المطارات والموانئ والمناطق الصناعية، إضافة الى الموارد المتوفرة بما يحقق تنويع مصادر الدخل والتوسع في مشاريع التشغيل الذاتي مع التأكيد على أهمية التوزيع المتوازن للتنمية على المحافظات بما يتناسب مع حجم واحتياجات كل محافظة.

الصناعة: اساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية

يعدّ قطاع الصناعة أحد المحركات الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في السلطنة بعد قطاع النفط باعتباره أحد أهم الطرق لتحقيق التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة، من حيث تحقيق القيمة المضافة وتوفير فرص العمل للمواطنين، إضافة الى قدرته على الإسهام في سد جانب كبير من الاحتياجات السلعية للمجتمع، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية. وتشير الإحصائيات إلى أن قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الصناعات التحويلية بلغ (1.3) مليار ريال عماني في عام 2012م، ليستحوذ القطاع الصناعي على (18.3%) من إجمالي الاستثمار الاجنبي المباشر، في حين ارتفعت مساهمة الأنشطة الصناعية في الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2013م بنسبة (2.8%) إلى (5.4) مليار ريال عماني تمثل (17.6%) من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.

وقد شهدت المرحلة الماضية إنشاء العديد من الصناعات الأساسية خاصة تلك القائمة على الغاز، ويتم التركيز في المرحلة القادمة على توسعة المناطق الصناعية القائمة وإقامة مناطق صناعية جديدة، إضافة إلى زيادة التكامل بين أنشطة الموانئ مع المناطق الصناعية المحيطة خاصة في صحار وصلالة والدقم؛ لتشجيع إقامة الصناعات التحويلية بها الأمر الذي من شأنه زيادة العوائد الاقتصادية وإيجاد فرص عمل جديدة.

المؤسسات الصغيرة والمتوسطة:

حظي قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة باهتمام السلطنة منذ بداية عهد النهضة الحديثة، وقد توّج هذا الاهتمام بإنشاء "الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة" بموجب المرسوم السلطاني رقم (36/ 2013) الصادر في 30 مايو 2013م، وتهدف الهيئة إلى تنمية وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتخطيط والتنسيق والترويج لانتشارها وتمكينها من الحصول على ما تحتاجه من تمويل وخدمات بالتنسيق مع الجهات الحكومية والخاصة المعنية.

السلطنة في المرتبة الـ (40) عالمياً للجاهزية الإلكترونية

حافظت السلطنة على المرتبة الـ (40) في التقرير العالمي للجاهزية الإلكترونية لعام 2014م الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، ويقيس التقرير مدى جاهزية الدول لتطوير قدراتها في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات وتعزيز مستوى تنافسيتها.

وكشف التقرير عن استمرار السلطنة في تقديم أداء متميز في تطوير الخدمات الإلكترونية في القطاعات الحكومية، وذلك في عدة جوانب مثل: فعالية الإجراءات الحكومية وكفاءة النظام القضائي وارتفاع عدد اشتراكات الهواتف النقالة والإنفاق الحكومي على التقنيات المعلوماتية المتقدمة وغيرها من المعايير الأخرى.

ويأتي هذا الإنجاز في الوقت الذي حققت فيه الوزارات والوحدات الحكومية تقدما ملحوظا في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للحكومة الإلكترونية التي من المخطط أن تصل بنهاية عام 2015م إلى مرحلة "التحول الكامل" بحيث يتم تقديم الخدمات الحكومية التي تحتاجها الشركات أو الأفراد من موقع الكتروني واحد فقط



 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
حقوق الطبع 2007 - تيميس.كوم الشرق الاوسط